Site icon IMLebanon

لبنان محكوم بالتفاهمات والتوازنات والحياد عن هذه القاعدة يعقد الأزمة

مشاورات التأليف تدخل المدار البارد.. وكباش الحقائب يأخذ منحى مقلقاً

لبنان محكوم بالتفاهمات والتوازنات والحياد عن هذه القاعدة يعقد الأزمة

مصادر سياسية: الحريري سيعطي الوقت الكافي لمشاوراته وصولاً إلى حكومة تحظى برضى الجميع

يبدو أن مشاورات التأليف ستدخل مدار المناخ البارد الذي سيسيطر على لبنان من الآن وحتى نهاية الأسبوع، من دون ان يعني ذلك انه في حال توقفت العاصفة الجوية ستتوقف معها العواصف السياسية وبالتالي سنكون امام أجواء هادئة ومريحة يمكن الولوج من خلالها باتجاه التفاهم على توليفة حكومية تجنّب البلد الدخول في فراغ حكومي على غرار الفراغ الرئاسي الذي استوطن قصر بعبدا لأكثر من سنتين ونيف.

وما من شك ان الكباش الحاصل حول توزيع الحقائب بدأ يأخذ منحى مقلقاً ظن اللبنانيون انهم تجاوزوه مع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، سيما وأن المعطيات المتوافرة لا توحي بأن أياً من الأطراف المعنية في صدد تقديم التنازلات في سبيل إخراج التشكيلة الحكومية من المأزق الذي وقعت فيه نتيجة غياب التوافق على توزيع الحقائب.

وفي تقدير مصادر متابعة ان الأبواب الحكومية مقفلة لدرجة باتت تطرح معها علامات الاستفهام حول أسباب التعطيل في ظل الإيجابيات التي تظهر يومياً من كل الأطراف المعنية، اللهم إلا إذا كان ما يقال في العلن هو عكس ما يضمره هؤلاء وهذا إن صح فإنه يعني اننا سنكون امام أزمة هي أشدّ تعقيداً من تلك التي مررنا بها نتيجة الفراغ الرئاسي.

وترى هذه المصادر انه لا يمكن لأي فريق سياسي في البلد مهما علا شأنه ان يخل بالتوازنات الموجودة في لبنان منذ الاستقلال إلى اليوم، فهذا البلد محكوم بالتفاهمات والتوازنات وأن الحياد عن هذه القاعدة لا يوصل إلى نتيجة إذ انه يعقد المشاكل ولا يحلها، ويزيد التشرذم والانقسام السياسي وصولاً إلى احتقان الشارع.

وحول ما يقال عن حكومة أمر واقع قبل الأحد المقبل تسارع هذه المصادر إلى التأكيد بأن لبنان لا يحمل لغة مواعيد في ظل غياب التفاهمات كما ان قيام حكومة أمر واقع يعني الضياع، وربما الوصول إلى حرب أهلية جديدة وبالتالي الانزلاق مجدداً إلى النفق المظلم وهو ما لا يريده أي من الأطراف السياسية، وما دام الحال كذلك فإنه من المستبعد الاقدام على أية خطوة بالنسبة لتشكيل الحكومة غير محسوبة النتائج.

وتذهب مصادر سياسية أخرى إلى ربط ما يجري بأمرين أساسيين هما التطورات الاقيمية بالإضافة إلى قانون الانتخاب، فعلى صعيد الأمر الأوّل فإن المصادر ترى ان التطورات الإقليمية المتسارعة إن في سوريا أو العراق تجعل كل فريق سياسي لبناني يتريث لمعرفة الأيام التي ستسلكها هذه التطورات لكي يبني على الشيء مقتضاه في ما خص الشأن اللبناني الداخلي وهو لا يرى في الأمر خطورة في حال تأجل التأليف بعض الوقت، أما في الموضوع الثاني فإن هناك من يعتبر أن حرق المراحل في التأليف سيجعل من أمر إقرار قانون جديد للانتخابات متعذراً، لا بل مستحيلاً نظراً لضيق الوقت وبالتالي يصبح اعتماد القانون الحالي أمراً واقعاً لن يغير من الواقع الراهن أي شيء، وهو ما يخشاه في رأي هذه المصادر الرئيس نبيه برّي الذي يحرص على التحذير المتكرر أمام زواره من هذا الأمر الذي يضعه في خانة الخطورة.

وإذا كانت هذه المصادر «متشائلة» في إمكانية ولادة الحكومة في وقت قريب، فإنها لا تقفل الأبواب بشكل نهائي أمام حصول هذا الأمر، حيث تعرب عن اعتقادها بأن الرئيس المكلف لن يترك الأمور تراوح في مكانها، وأنه في حال شعر أن الأبواب باتت مؤصدة أمام تأليف حكومة بالشكل الذي تداوله مع رئيس الجمهورية وبرزت اعتراضات بها، فإنه سيلجأ حتماً إلى اجراء مروحة جديدة من الاتصالات والمشاورات علّه يستطيع تدوير الزوايا وبالتالي يضيّق مساحة الخلاف وصولاً إلى تأليف حكومة قادرة على إنجاز قانون جديد للانتخابات ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية، ولا سيما أن الحركة السياسية التي يقوم بها الرئيس سعد الحريري تدلّ بشكل واضح أن لديه اصراراً وتصميماً على الوصول الى حكومة تحظى بقبول من كل الأطراف،وهو سيعطي مشاوراته واتصالاته الوقت الكافي للوصول إلى التفاهم الكامل على التشكيلة لأن ذلك يسهل الأمر في انسحاب هذا التفاهم على البيان الوزاري الذي على ما يبدو لن يكون أقل تعقيداً من عملية التأليف في ظل الانشطار السياسي الموجود حول قضايا داخلية والمستجدات التي طرأت في المنطقة حيث أن العامل الإقليمي والدولي سيحضران حتماً في بعض بنود هذا البيان.