Site icon IMLebanon

لبنان أسير أوضاع أخطر من الحرب

 

 

ذكرى حرب لبنان تأتي وسط التخوف من مخاطر الانزلاق في حرب واسعة بين الكبار يصعب حصرها في سوريا. والمطلوب ليس ان نتذكر لئلا نفكّر بل ان نتذكر ونفكّر معا في تراجيديا تضربنا ضمن معادلة عبثية: ماضٍ لا يمضي في حاضر لا يحضر على طريق مستقبل لا يقبل. ففي مثل هذا اليوم، ١٣ نيسان ١٩٧٥ كانت البداية الرسمية للحرب. والسؤال، بعد ٤٣ عاما، لا يزال في حاجة كشف كثير من الأمور في أرشيف العواصم الاقليمية والدولية والفصائل الفلسطينية والأحزاب اللبنانية للحصول على جواب كامل: هل كانت الحرب بأبعادها المحلية والاقليمية والدولية نتيجة مخططات جاهزة وقرارات لمنظمات ودول وصفها الجنرال ديغول بأنها وحوش باردة أم ان ما قاد الى توسيعها والتصعيد فيها هو الفعل ورد الفعل وقوة الأشياء بحيث ولدت الخطط في قلب المعارك؟ والسؤال الذي جوابه الصادم مكتوب أمامنا على الجدار هو: هل خرجنا عمليا من الحرب ونجحنا في معالجة مفاعيلها؟

لا مجال لخداع النفس. فنحن اليوم أسرى قوى تأخذنا الى حرب أهلية باردة، وتنتج بعد تسع سنوات قانون انتخاب هو قانون الحرب الأهلية. وما يحول دون أن تتحوّل الحرب الباردة حارة هو شيء من تعلم اللبنانيين دروس الحرب وأشياء من حاجة المنطقة بصراعاتها وحروبها والقوى الدولية التي تديرها الى خدمات يقدمها الاستقرار في لبنان.

ذلك ان المناخ الوطني كان عشيّة الحرب أفضل من المناخ الحالي. والأحزاب العابرة للطوائف كانت أقوى بكثير مما هي عليه اليوم وأكثر قدرة على تحريك الناس وتقديم مشاريع تقدمية. دوليا كان الصراع بين الجبارين الأميركي والسوفياتي صراعا بين مشروعين مختلفين ايديولوجيا وسياسيا واقتصاديا. واقليميا كانت قضية فلسطين هي القضية المركزية للعرب الخارجين من حرب تشرين.

والمشهد اليوم مخيف. ما ساهمت الحرب في تعميقه من صراع طائفي صار صراعا مذهبيا. وما كان من رهانات على مشاريع لدى أطراف الحرب أخلى مكانه لارتهانات تتحكّم بالوطن الصغير. والأولوية التي كانت للصراع العربي – الاسرائيلي صارت لصراعات أخرى يتقدمها لصراع دول عربية مع المشروع الايراني. مدّ الاسلام السياسي بكل أنواعه المتشدّدة والتكفيرية وعلى رأسها داعش، طغى على المدّ القومي العربي والمدّ العلماني، وان حققت محاربة داعش والقاعدة نجاحات. والصراع بين أميركا وروسيا هو صراع على النفوذ والمصالح.

 

 

قبل الحرب كان لبنان يوصف بأنه دولة فقيرة وشعب غني. بعد الحرب صار الشعب فقيرا والدولة أشدّ فقرا وغارقة في الديون. ولم يعد يهزّنا القول على أعلى المستويات ان البلد مفلّس.