Site icon IMLebanon

لبنان يتجه تدريجاً نحو “دولة فاشلة” هل صار لكل زعيم سياسي دستوره؟

هل بدأ لبنان الدخول في دائرة الدولة الفاضلة فلا رئيس يحكم ولا حكومة تعمل ولا مجلس نواب يشرع، ولا حتى دستور يحترم فصار تطبيقه انتقائياً وبحسب مصلحة كل حزب؟ ففي التعيينات يجب احترام الدستور اما في انتخاب رئيس للجمهورية فلا وجود لهذا الدستور أو يفسره كل طرف بحيث يمكن القول أن كل زعيم صار فاتحاً دستوراً على حسابه…

والمؤسف أن بعض الزعماء اللبنانيين وتحديداً الموارنة هم الذين يعطون المثل السيئ في تطبيق الدستور مع أن التزام أحكامه التزاماً دقيقاً كاملاً هو لمصلحة كل اللبنانيين ولمصلحتهم بالذات والا كان البديل منه “شريعة الغاب”، فعندما جرت انتخابات 2005 و2009 وفازت قوى 14 آذار بالأكثرية النيابية، رفضت قوى 8 آذار الاعتراف بنتائجها واعتبرتها أكثرية نيابية ولست أكثرية شعبية، مع أنها كانت انتخابات حرة ونزيهة. وكل الدول الديموقراطية تلجأ الى الانتخابات للخروج من الأزمات أي بالعودة الى الشعب كي يقول كلمته فيها وما حقيقة موقف 8 آذار سوى استجابة لرغبة سوريا التي كانت تريد حكومة وحدة وطنية وان كاذبة تتألف من اكثرية لا تقرر ومن أقلية تعطل صدور أي قرار أو تمنع تنفيذه اذا كان لا يعجبها، وقد اضطرت قوى 14 آذار الى القبول بذلك تجنباً للفراغ الحكومي وما يلحق ذلك من ضرر بالوطن والمواطن، وبررت قبولها هذا تحت مقولة الا يكون ذلك قاعدة انما استثناء، واذا بالاستثناء يصبح قاعدة بحيث لم يعد في الامكان تشكيل اي حكومة الا اذا كانت تضم ممثلين عن 8 و14 آذار اي اضداد لا يتفقون احياناً حتى على أمور صغيرة عملاً بسياسة النكايات المتبادلة، وكان تشكيل مثل هذه الحكومات يساوي بين الرابح والخاسر في الانتخابات النيابية ما أفقد نتائجها الأهمية رغم أنها حكومات فاشلة وأقلها انتاجاً وإنجازاً، ومع ذلك ظلت مفروضة بحكم واقع شاذ لم يعشه لبنان من قبل. لانه كان يحترم الدستور وليس مثل اليوم أصبح من حق أي حزب او تكتل ان يفرض عند تشكيل الحكومات على الرئيس المكلف لا بل حتى على رئيس الجمهورية اسماء الوزراء والحقائب والا طالت أزمة التشكيل وكان الفراغ الحكومي القاتل.

وفي انتخاب رئيس الجمهورية طلعت أحزاب وكتل ببدع وهرطقات دستورية لا مثيل لهما… فأعطى نواب لأنفسهم حق التغيب عن جلسات الانتخاب بدون أي عذر مشروع سوى تعطيل النصاب للحؤول دون انتخاب رئيس غير مقبول منهم… وهو مثل سيئ أعطاه كل نائب لنفسه في كل استحقاق كي يعطل النصاب ويدخل البلاد في أزمة رئاسية مفتوحة على كل الاحتمالات ولمصلحة خارج له أهدافه ولكي يطلب منه التدخل لحل هذه الأزمة ويقبض الثمن…

يستمر انتهاك الدستور بطرح بدع وهرطقات جديدة كلها تخرج لبنان من أزمة الانتخابات الرئاسية وقد تصبح قاعدة تعتمد في كل أزمة ولا يبقى للدستور عندئذ وجود مثل “بدعة” استطلاع الرأي، حول من هو المرشح الماروني الأقوى لكي يعرض على النواب انتخابه والا كانوا يخالفون رأي الشعب وهذا أشبه بالمشروع الأرثوذكسي في الانتخابات النيابية. وقد نسي اصحاب هذه البدعة أو تناسوا أن الدستور ينص صراحة على انتخاب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري وليس للنائب أن يتقيد بنتائج اي استفتاء أو استطلاع، والا فليعدل الدستور وليصبح انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب. ومن جهة أخرى فأن خطورة الأخذ بهذا الاقتراع “البدعة” قد يجعل المسلم الشيعي يلجأ الى استطلاع الرأي أيضاً لانتخاب رئيس للمجلس وان يفعل المسلم السني الشيء نفسه لايصال من يمثل الطائفة تمثيلاً صحيحاً لمنصب رئاسة الحكومة بحيث لا تعود حاجة الى انتخاب رئيس للجمهورية من الاكثرية النيابية، ولا حاجة الى انتخاب رئيس المجلس من هذه الاكثرية أيضاً ولا حاجة أيضاً الى اجراء استشارات نيابية لتسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، فماذا يبقى عندئذ من الدستور عندما تصبح “البدع” والهرطقات، بديلاً منه.

لقد أحسن النائب سليمان فرنجية بصراحة قوله، انه مع العماد عون مرشحاً لرئاسة الجمهورية حتى وان جاءت نتائج الاستطلاع مخالفة لذلك، لانه لا ينتخب شخصاً فقط انما ينتخب خطاً سياسياً.

الواقع أن المعارك الرئاسية غالباً ما تخاض على أساس خط سياسي لكل مرشح، هي تخاض اليوم على أساس مرشح يؤيد الخط السياسي الايراني ومرشح يناهض هذا الخط. فلماذا استطلاع الرأي اذاً حول الاشخاص وليس حول الخط لمعرفة اي منهما يريد اللبنانيون؟ ولماذا الاستطلاع ان لم تكن نتائجه ملزمة هل لكسب الوقت ام لاضاعته، خصوصاً أن أحزاباً عارضت إجراءه. فالكتائب أكدت وجوب التزام الدستور واعتبار اي التفاف عليه تمييعاً للاستحقاق، و”تيار المستقبل” أعلن حرصه علىعدم الانزلاق نحو اي بدع جديدة ترمي الى اختراع اعراف جديدة وملتوية تعطل انجاز انتخاب الرئيس.

فليذهب النواب إذاً لانتخاب رئيس وفقاً للدستور وآليته، وبدون لف ودوران.