IMLebanon

لبنان لم يعد على هامش الحدث.. فكيف تكون التداعيات؟!  

 

يؤكد غير مصدر وخبير استراتيجي، ومرجع سياسي وأمني أن الفصل مستحيل بين ما يجري من عمليات عسكرية ضد «الجماعات والتنظيمات الإرهابية» من مثل «داعش» واخواته على جانبي الحدود اللبنانية – السورية، في جرود عرسال وراس بعلبك والفاكهة والقاع تماماً كما في المقلب الآخر من الأراضي السورية.. وان الخلاصات النهائية لمعركتي «فجر الجرود» و»ان عدتم عدنا» لا يمكن ان تتم على النحو المخطط لها بغير اكتمال المهمتين من الجانبين اللبناني والسوري.. وهو أمر بنظر البعض عزز من الحراك الدولي والاقليمي والعربي باتجاه لبنان كما ومن لبنان باتجاه العديد من دول العالم النافذة..

في قراءة مطلعين على مسار هذا التواصلات فإن زيارة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري الى واشنطن قبل مدة، واستعداداته لزيارات أوروبية في وقت لاحق، كان، وسيكون محورها الأساس والحقيقي هو توفير غطاء دولي سياسي وغير سياسي ودعم مادي ومعنوي للجيش اللبناني في مهماته وحروبه ضد الجماعات الإرهابية، من قبل فتح معركة «فجر الجرود» وحقق فيها انجازات نالت تقدير وثناء العالم بأسره..

لم تكن زيارة وزير الدفاع يعقوب الصراف الى روسيا في الأيام القليلة الماضية بعيدة عن ذلك الاطار حيث كان الموقف الروسي واضحاً وهو يشدد على «وجوب العمل لايقاف تحركات جبهتي «النصرة» و»داعش» من دولة الى أخرى، ومركزاً على تعزيز التعاون لمكافحة الإرهاب.. خصوصاً وان ذلك تقاطع مع اعلان ان الطائرات الروسية دمرت أكثر من ألف موقع للإرهابيين في أسبوع..

قد يكون في نظر البعض ان كلمة الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله، ليل أول من أمس، لم ترقَ الى مستوى كلماته ومواقفه السابقة.. خصوصاً وأنه لم يعرف بالضبط ما القصد من هذه الكلمة أهو توفير غطاء سياسي لمحاورة «داعش» أم تعبيد الطريق أمام «الرباعية» المذهبية او الماسية، بانضمام سوريا الى ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة»، وهي الثلاثية التي تواجه اعتراضات من عديدين، فكيف بـ»الرباعية»؟!

لقد كانت لافتة، في التوقيت زيارة نائب وزير الخارجية الايراني لشؤون الشرق الاوسط وافريقيا حسين جابر الأنصاري الى لبنان.. وتقاطعها مع زيارة وزير الدولة السعودية للشؤون الخليجية ثامر السبهان، وذلك على الرغم من احاطة زيارة الوزير السعودي بكثير من الكتمان الاعلامي، بخلاف زيارة الأنصاري التي أحيطت بتغطية اعلامية غير مسبوقة على هذا النحو، وهو يتكلم الفارسية وإلى جانبه من ينقل كلامه الى العربية..

في قناعة عديدين أنه يستحيل النظر الى هاتين الزيارتين بعيداً عن التطورات الحاصلة على الحدود اللبنانية – السورية وما يمكن ان يترتب عليها من نتائج وتداعيات، إذ لا يكفي قراءة هاتين الزيارتين على أنهما للوقوف على مواقف الأفرقاء اللبنانيين كافة، وعلى اختلاف وتنوع ولاءاتهم وأدوارهم ومواقعهم، خصوصاً وان ما جرى، وما سيجري في المناطق الحدودية تجاوز المسائل الداخلية ليطال المشهد الاقليمي والعربي عموماً.. لاسيما وان ايران تمسك بأوراق ضاغطة ميدانيا وسياسياً عبر «حزب الله» وآخرين خلاف السعودية التي التزمت سياسة النأي بالنفس وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد، وذلك على الرغم من احتضانها التاريخي للبنان، دولة ومؤسسات وشعباً من دون تمييز بين فريق وآخر، فئة وأخرى، طائفة ومذهب منطقة ومنطقة؟!

وفي قناعة عديدين أيضاً، ان لبنان، وعلى ما تدل التطورات والوقائع اليومية لم يعد بمنأى عن تداعيات ما يجري من تطورات في العديد من الدول المحيطة، وتحديداً العراق وسوريا.. كما أنه لم يبق على هامش هذه التطورات، بل بات جزءاً أساسياً في صراع المحاور.. ومع ذلك يبقى السؤال، هو الى أي مدى سيعرف لبنان الافادة مما يجري وهل ستكون الانعكاسات سلبية أم ايجابية؟.

في نظر البعض ان لبنان سيكون من أكثر المستفيدين من انهاء الحركات الارهابية، ومن اطفاء نيران «الحروب الكونية» المشتعلة في العديد من دول المنطقة.. وفي نظر آخرين فإن المسألة أكثر تعقيداً.. وقد يكون لبنان من أكثر المتضررين بالنظر الى الانقسامات الحادة بين أفرقائه الممسكين بالقرارات وتوزعاتهم المحورية على المستويين الاقليمي والدولي؟! وذلك على الرغم من الانتصار على «النصرة» في جرود عرسال، وعلى «داعش» في جرود راس بعلبك والفاكهة والقاع، هو انتصار للبنان، على ما يقول الجميع.. لكن هذا الانتصار لا يكتمل، عسكرياً وأمنياً بغير انتصار مواز على المقلب  السوري؟!

حتى اللحظة، وفي ضوء مواقف اليومين الماضيين، يبدو ان الرهان على الايجابيات في المواقف يعادل السلبيات.. وهو مازال بعيد المنال والكل متفق على ان الحل لن يكون بين «ليلة وضحاها» او ساعة وأخرى.. ومن أسف ان الكل ينتظر الكل عند الكوع ليمسكه عند أقل غلطة او زلة لسان ليبني عليها مقولة تعزز التباعد..

والظاهر ان عجز الأفرقاء عن مغادرة الاصطفافات التقليدية إياها، الداخلية كما الخارجية، قد يقطع على لبنان فرصة الافادة القصوى من أي تطور ايجابي في المنطقة، والكرة هي في ملعب الحكومة اللبنانية.. وقد أثبت رئيسها سعد الحريري قدرة على تجاوز الخصوصيات واعتماد الاعتدال والحكمة، والحسابات الشخصية او الفئوية، ما يفتح الطريق أمام لبنان للافادة من مرحلة سكوت المدافع..؟!