إن كبار القادة والمسؤولين المشتركين في القمة الخليجيّة ينظر إليهم اللبنانيّون نظرة إكبار وتقدير وشكر، كونهم دائماً وأبداً في طليعة من يلبّون نداءات لبنان في السنوات العجاف التي لا تزال تجرُّ أذيالها وذيولها إلى اليوم.
حتى بات لبنان كمن يقيم على فوهة بركان. وكما يعلم جميع المسؤولين في دول الخليج والعالم العربي بأسره، فلبنان يحاول منذ مئتي يوم ملء الفراغ الرئاسي، إلا أنّ عقبات لا تُحصى من داخل ومن خارج تحول دون تحقيق هذه الأمنية.
فضلاً عن “النزهات” الإرهابيّة التي تتعرّض لها الجغرافيا اللبنانيّة من الجهات الأربع. وعدا عمليّات الخطف الجماعي والفردي التي “تكرّم” بها تنظيما “داعش” و”النصرة”، والتي أضافت أزمة كبيرة بتعقيداتها وتداعياتها منذ أسابيع.
على رغم ذلك كلّه لم نعثر على أي ذكر لمحنة لبنان المزمنة في البيان الختامي للقمّة الخليجيّة، ولو بسطر واحد من باب أخذ العلم على الأقل… بينما حظيت دولٌ عربيّة أخرى بقسط وافر من الاهتمام والعناية: مصر في الطليعة، ومن حقّها. ثم اليمن، والعراق، والبحرين، والجزر الثلاث، وسوريا التي أبدى مجلس التعاون قلقه الكبير لاستمرار تدهور الأوضاع الإنسانيّة فيها.
هذا على سبيل المثال، وعلى سبيل تأكيد إغفال أي ذكر لهذا اللبنان. مع أن بين القادة الذين تقدّموا قمّة الدوحة مَنْ سبقت أفضالهم واهتماماتهم بلبنان واللبنانيّين خلال الحروب والمحن المتواصلة بتعاطفٍ وتعاضد لم يصدر مثلهما حتى عن كثيرين من أهل البيت اللبناني.
وفي المقدّمة دائماً وأبداً ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز الذي له في قلوب ألوف اللبنانيّين منازل من الحبّ والامتنان والشكر، لفرط ما خصّهم بكل اهتمام والتفاتة خير وتعاطف، وبما لا يمكن صدوره إلا عن رجل بقامة ولي العهد وسموّ خلقه ومروءته.
لم تقصّر الكويت وأميرها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح يوماً. ولا تلكّأت دولة قطر وأميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وسلفه والده الشيخ حمد. ولا دولة الإمارات التي فتحت أبوابها ومجالاتها للبنانيّين المفضّلين لديها. ولا البحرين.
أما المملكة العربيّة السعوديّة، فالكلام في هذا المقام يعجز عن التعبير امتناناً، وخصوصاً لجهة هبة الأربعة مليارات…
فالجميع لهم الكثير عند اللبنانيّين، ومن الصعب إيفاؤهم ولو النزر اليسير في مقابل ما قدّموه ويقدّمونه لأبناء هذا البلد.
إلا أن القمة الخليجيّة، التي شملت كل بلدان العالم العربي بمناقشاتها وعنايتها، ناسية عن غير قصد طبعاً أن ثمّة شقيقاً لهذه الدول، يدعى لبنان، يعاني الأمرّين وحيداً.
ليس الغرض تسجيل أي تقصير على القمة الخليجيّة والقادة الذين حضنوها، بل من باب تذكير محبّي لبنان، وتحديداً ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز، وعلى قدر المحبّة.