عثر الأسبوع الماضي على مخزون ضخم من الغاز الطبيعي قبالة ساحل قبرص، ورغم قرب قبرص من لبنان لا يعزّز هذا الاكتشاف فرص وجود كميات من الغاز على الساحل اللبناني، لكن يبقى أمام اللبناني الانتظار أقله 3 سنوات ليسمع خبراً مُشابهاً عن اكتشاف مكامن نفطية قبالة الساحل اللبناني.
أعلنت شركة النفط والغاز الأميركية «إكسون موبيل»، عن اكتشافها احتياطياً ضخماً للغاز الطبيعي قبالة ساحل قبرص، في اكتشاف اعتبر من الأكبر في العالم في العامين الأخيرين.
وقدّرت اكسون أن يحوي البئر الذي يقع في جنوب غرب جزيرة قبرص موارد من الغاز الطبيعي تقدر بما بين 5 و8 تريليونات قدم مكعبة (أي ما بين 140 الى 230 مليار متر مكعب).
فهل يعزّز هذا الاكتشاف احتمال وجود كميات اضافية من الغاز في البلوكات الخاصة بلبنان نظراً لقرب لبنان جغرافياً من قبرص؟ وكم سنة سينتظر اللبنانيون بعد ليسمعوا خبر إعلان اكتشاف حقول للنفط او الغاز الطبيعي قبالة السواحل اللبنانية؟
أكد الخبير النفطي ربيع ياغي انّ الاكتشاف الذي اعلنت عنه «اكسون موبيل» في المنطقة الاقتصادية الخالصة جنوب قبرص في البلوك 10 تقع في موازاة المنطقة الاقتصادية الخالصة لمصر وليس للبنان، إنما من المؤكد انّ اي اكتشاف، أكان في قبرص او في مصر او في شمال فلسطين او سوريا، يزيد التأكيد على انّ منطقة شرق المتوسط هي منطقة غنية وواعدة جداً، وتحديداً في الغاز ومن ثم النفط الخفيف.
امّا اعتبار انّ الاكتشاف هو مؤشر مباشر تجاه لبنان فهو أمر غير دقيق وغير علمي، إنما نحن على تماس مع حقلي كاريش وليفياتان في فلسطين، وبناء عليه نقول انّ جنوب لبنان منطقة نفطية واعدة جداً، لأنّ البلوكات قريبة جداً من شمال فلسطين التي تتم فيها الاكتشافات وحتى هناك مكامن نفطية مشتركة.
إنطلاقاً من ذلك يمكن ان نتفهّم الاطماع الاسرائيلية في المياه الجنوبية اللبنانية ومحاولتها التمدّد. لذلك يجب ان يكون للبنان في المقابل اندفاعة في اتجاه المنطقة الاقتصادية الجنوبية الخالصة لأنها منطقة واعدة جداً، وعليه أن يثبت حقه في المخزونات المحتمل اكتشافها فيها.
ورداً على سؤال، أكد ياغي انه لا يمكن لهذه الاكتشافات، رغم قربها من لبنان، أن تعطي أي تصوّر او أي تقدير لكمية المخزون النفطي للبنان، موضحاً انّ الحقل عادة يمتد مئات الكيلومترات المربعة، وبمجرد ان يكون هناك اكتشاف لحقل نفطي تلقائياً وعندما نتحدث عن المنطقة الجيوليوجية نفسها نقدّر وجودها على بُعد بعض الكيلومترات وانّ هناك حقولاً مشتركة بين شمال فلسطين وجنوب لبنان، لذا نلاحظ عدائية اسرائيلية خصوصاً على البلوكات 8، 9 و10 الواقعة في جنوب لبنان، وترفض إسرائيل ان يباشر لبنان بأيّ عمليات استكشاف او تنقيب او حفر في هذه البلوكات حتى تكون هي السبّاقة في الاكتشافات.
وفي هذا السياق، أكد ياغي انّ لبنان بطيء جداً في السير بملف التنقيب عن النفط، مذكّراً انّ الاتفاق مع الكونسورتيوم الاوروبي كان يقضي بأن يبدأ الحفر في شهر آذار من العام الحالي 2019 بشكل متوازن في البلوك 4 والبلوك 9، وعلى هذا الاساس تم توقيع الاتفاقية معهم، لكن تم تأجيل هذا الموعد لأنّ التحضيرات الاولية لم تكتمل، فأصبحت المواعيد كالآتي: بدء الحفر بالبلوك 4 مطلع 2020، وبالبلوك 9 في أواخر العام 2020. صحيح انّ الشركات العالمية رغم هذا التأخير لا تزال ضمن المهل القانونية، إنما كان يجدر بلبنان ان يكون أكثر حيوية في معالجة هذا الموضوع أقلّه من الناحية التقنية حتى يتمكن من مجاراة هذه الشركات، وان يكون في المستوى التقني نفسه.
وأكد ياغي انّ الوقت ليس لصالحنا إنما ضدنا، لأنه حيث وجد النفط ومكامن مشتركة بين لبنان وفلسطين، إستثمرها الجانب الآخر وأبرم الاتفاقات اللازمة لذلك.
ولدى سؤاله: كم يجب ان ينتظر اللبنانيون بعد قبل ان يسمعوا عن اكتشاف مكامن نفطية قبالة الشواطئ اللبنانية؟ قال: إنّ ايّ اكتشاف يجب ان يكون له اولاً جدوى اقتصادية، ولكي تكون له جدوى اقتصادية يجب ان يكون بكميات تجارية كبيرة.
من هذا المنطلق، وكي يصبح لدينا اكتشافات ذات جدوى اقتصادية كبيرة، يجب ان ننتظر أقله 3 سنوات لتأكيد وجود كميات تجارية في حال بدأ الحفر حسب الجدول المُعد له، أي مطلع العام المقبل.
وحتى يتم استخراج هذه الكميات ويصبح لدينا إنتاج تجاري قابل للتصدير، أكان الى السوق المحلية او الاسواق الخارجية، نحتاج الى 5 سنوات إضافية، اي 8 سنوات من تاريخ اليوم.