في خضم التطورات الاقليمية الكبرى التي تضغط على الساحة اللبنانية وعلى رأسها مسألة اسقاط الطائرة الاسرائيلية والتداعيات التي يمكن ان تحدث انعكاساً على لبنان، وفي الوقت الذي وقع فيه لبنان عقود الشركات الاجنبية لاستخراج النفط والغاز وصولاً الى الاستحقاق النيابي القريب. في هذا الوقت يعود مخيم عين الحلوة الى واجهة الاحداث من باب الاشتباكات الاخيرة التي حصلت في داخله بين حركة فتح واسلاميين متشددين وقضية عودة ارهابيين تابعين للمنظمات التكفيرية الى الداخل اللبناني واسقاط الجيش اللبناني لعمليات ارهابية كانوا يعدون لها في لبنان.
واذا كان في السياسة لا شيء يمر دون تخطيط او ان يكون ابن ساعته فان اوساطاً وزارية لبنانية تلفت الى ان «الاشكال» الذي تم في مخيم عين الحلوة تطور بسرعة الى اشتباكات مسلحة بالرغم من اعتماد تسمية الاشكال الفردي عليه كونه مبنياً على توتير امني مقصود لاعادة خلط الاوراق في المخيم ولحرف الانظار والاهتمام عن متابعة الاحداث السياسية المتسارعة لخنق القضية الفلسطينية وانهائها بشكل كلي بالتوازن مع الضغط الاميركي على وكالة الاونروا ومنع المساعدات المالية عنها، وتلفت هذه الاوساط الى ان قراءة موضوعية لما جرى على ابواب هذه الاستحقاقات معطوفة على الاستنفار الذي حصل يصل الى استنتاج ان مجمل ما تشهده الساحة اللبنانية يزعج اطراف اقليمية وعلى رأسها اسرائيل وان سرعة اقفال ملف الاشتباك يرمي الى منع الاقتتال او حصول فتنة داخل المخيم في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد وهي على ابواب اجراء الانتخابات النيابية.
وتشير هذه الاوساط الى ان نجاح الاستقرار الداخلي في المخيم منذ عدة اشهر وتسليم بعض المطلوبين للاجهزة الامنية يجعل المتضررين من هذا الامر في موقع المراقبة الكثيفة من الداخل اي من المنظمات الفلسطينية والخارج من قبل السلطة اللبنانية لسحب فتيل التفجير الذي يتراكم اقتصادياً واجتماعياً داخل عين الحلوة، وتعتبر هذه الاوساط ان الحادث الذي سبق هذا الاشتباك بوقت زمني قليل والمتمثل يرمي قنابل يدوية وسقوط جرحى مما يجعل ردة الفعل قائمة لاشعال النار بين الفلسطينيين في هذه الظروف الصعبة محلياً ودولياً، ومن ناحية ثانية تشدد مصادر فلسطينية على ان القوة المشتركة لن تتهاون مع العابثين بأمن المخيم بعد تجاوز هذا الاعتداء الحدود والاتفاقات التي جرت بين معظم الفصائل والحركات الاسلامية.
الاوساط الوزارية تعتقد بشكل جازم ان مخيم عين الحلوة قيد المراقبة القصوى واي حادث امني يمكن ان يحصل قد يتم استغلاله نحو افتعال داخلي يودي بالقضية الفلسطينية الى نهايتها على ايدي اهلها.
وفي المقلب الآخر وعلى وقع التطورات الاقليمة ثمة ما يدعو الى الريبة والحذر الشديدين جراء عودة بعض الارهابيين من «النصرة» و«داعش» الى الاراضي اللبنانية وما تدخل الجيش في مدينة طرابلس خلال الاسبوع الماضي والقضاء على الارهابيين واستشهاد جندي في الجيش اللبناني الا خير دليل على ذلك، وتقول هذه الاوساط ان وسائل اعلام اميركية تتحدث باستمرار عن عودة تنظيم «داعش» الى سوريا وان التنظيم يعيد رص صفوفه ولا احد يعلم مدى ارتباط هذه الوضعية بالخلايا النائمة في لبنان وما يمكن لاميركا ان تستغله من خلال هذه العودة خصوصا الى الجنوب الذي يربط العراق مع سوريا وعدم سحب جنودها من هناك بحجة محاربة الارهاب، الا ان الساحة اللبنانية التي تبدو اكثر مناعة من مثيلاتها في مختلف دول العالم، لكن هذا لا يعني ان المنظمات الارهابية قد غادرت لبنان وانتهى امرها، ذلك ان هذه الاوساط تنقل عن مصادر غربية ان البلد ما زال معرضا لعمليات ارهابية من قبل هذه التنظيمات التكفيرية وان تقارير غربية تفيد ان هناك خطة لدى «داعش» و«النصرة » بإعادة الارهابيين الذين التحقوا سابقا بهذين التنظيمين استعدادا لامكانية تنفيذ عمليات وتحريك خلايا في ظل التضييق الذي يعانيان منه من قبل الاجهزة الامنية وصغر المساحة التي ما زالوا يسيطرون عليها، لكن في المقابل لا تتوقع هذه الاوساط ان تكون عودة الارهابيين على نحو كبير باستثناء ما يمكن تعداده على اصابع اليد بفعل امتلاك الدولة داتا كاملة عن شبكات الارهابيين بفعل التحقيقات الجارية باستمرار مع الموقوفين.