IMLebanon

لبنان عالق بين بنى فوقية عاجزة  وبنى تحتية مهترئة

يحتارُ اللبناني، سواء أكان مسافراً أم عائداً، مقيماً أم مغترباً، مواطناً عادياً أم يتعاطى الشأن العام، يحتار من أين يبدأ؟

وكيف يضعُ أولويات إنشغالاتهِ واهتماماتهِ، فهذا اللبنانيّ يكون يوماً متابعاً بشغفٍ لدقائق اللقاء بين البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي والرئيس سعد الحريري، لأنَّه يعرف أنَّ نتائج هذا اللقاء ستؤثر على مستقبل البلد والآلية السياسية لإدارته، ثم في اليوم التالي يغرق في تتبُّع غرق الأوتوسترادات بعد أمطار لربعِ ساعةٍ أو أقل بقليل أو أكثر بقليل.

المواطنُ اللبنانيّ عالقٌ بين بنى فوقية هي الطبقة السياسية التي يُفتَرض أن تحكمه فتتحكَّم فيه، وبين بنى تحتية لم تكن يوماً مؤهلة ولن تكون يوماً مؤهلة، على رغم المليارات التي صُرفَت عليها.

تصوّروا مثلاً هذا الخبر:

سيناقش مجلس الوزراء في الجلسة التي انعقدت أمس طلباً لوزارة الأشغال الموافقة على تلزيم أشغال تنظيف وتأهيل شبكات تصريف مياه الأمطار وشبكات المجاري الصحية بطريقة إستدراج عروض عبر إدارة المناقصات في التفتيش المركزي ومن خارج البرنامج العام لإدارة المناقصات.

متى هذه المناقشة؟

في النصف الأخير من شهر تشرين الأول، علماً أنَّ هذا الامر كان يجب أن يحصل في شهور الصيف وليس بعد أن تنزل الأمطار.

مَن يحاسب على هذا التأخير مثلاً؟

الأوتوسترادات عشية جلسة مجلس الوزراء غرقت بالمياه والوحول والحجارة، وبدأ تبادل الإتهامات:

بعض البلديات يُحمِّل المسؤولية لوزارة الأشغال، وزارة الأشغال تردُّ بتحميل المسؤولية للبلديات، وبين الإثنتين هناك مسؤولية يتحملها مجلس الإنماء والإعمار.

المواطنُ اللبنانيّ ينهمك دورياً في مثل هذه الآفات السنوية من دون أن يجد مَن يُعينه أو يشرح له لماذا تكرار المشكلات كلِّ سنة، فهل هي للمرة الأولى منذ ستة آلاف سنة تُمطِر في هذه المنطقة من العالم في مثل هذه الأيام؟

إذا كان اللبناني يطرح هذا السؤال عن آفة مضاعفات الأمطار فماذا عن آفة الكهرباء التي لا تعرف لا صيفاً ولا شتاءً ولا ربيعاً ولا خريفاً؟

وكم من الكتابات كُتِبَت عنها؟

فماذا كانت النتيجة؟

المزيد من الأوضاع السيئة والمزرية في البلد.

اللبناني في وضع لا يُحسَد عليه، لا هيئات رقابية تضع يدها على الجرح ولا طبقة سياسية تحاول أن تُخرِج البلد من هذا الوضع التَعِس، وعلى هذا الأساس لا طاقة للبلد على أن ينهض من كبوته لا اليوم ولا غداً ولا في القريب العاجل.

كيف له أن ينهض فيما ينتقل من شغورٍ إلى شغور ومن فراغٍ إلى فراغ ومن عجزٍ إلى عجز؟

إنَّنا في حالٍ أقلُّ ما يُقال فيها إنَّها مأساة، فمن يُنقذ البلد من أخطبوطها الذي يلفُّ رجليه حول عنق الوطن؟

المؤسف أنَّ لا أحد يملك جواباً أو أجوبة، فيما كثيرون يطرحون الأسئلة ولا يملكون سواها.