IMLebanon

لبنان تـحـت التهديد والوعيد بـفــكّ الإرتباطات الدبلوماسية

 

حملت الساعات الأخيرة تطورات سياسية في الكواليس الفرنسية الأميركية، تتمحور حول فرض عقوبات دولية على لبنان قد تكون الأكثر تصلّبًا وقساوة. فقد عُقد إجتماعًا سريًّا في اليومين الأخيرين في باريس، حيث قام كل من إيمانويل بون وهو المستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي، وروبرت أوبراين وهو المستشار الأميركي للأمن القومي، بإبلاغ قنوات دبلوماسية لبنانية، نيّة حكومتهما بنزع الإعتراف بمسؤول لبناني كبير، وكان ذلك بحضور عدد من كبار المسؤولين. من شأن هذه العقوبات المنوي فرضها، فك أي إرتباط دبلوماسي سياسي مع الدولة اللبنانية، وذلك قبل 20 كانون الثاني 2012، أي قبل مغادرة الرئيس ترامب البيت الأبيض.

 

العقوبات ستدخل لبنان في طريق مسدود

 

يستدرك مركز الصحافة والإعلام الدولي في باريس، الجدّية الدولية في المضي باتخاذ هكذا عقوبات، ويرى بأنّها من أشرس العقوبات التي قد يتعرض لها لبنان. ويشير رئيس المركز الأستاذ إبراهيم الصيّاح، إلى أنّ هذه العقوبات ستدخل البلد في طريق مسدود حتّى نهاية عهد الرئيس ميشال عون. إذ أنّنا في مرحلة حرجة، حيث يجلس عند أي مناسبة وطنية أو رسمية، رئيس حكومة تصريف الأعمال والرئيس المكلّف في المقعد نفسه «بروتوكوليًّا». وهذا التفسير المجازي، مفاده بأنّنا على مشارف حالة جمود قاتلة، قد لا يتحمّلها لبنان الذي يعاني ما يعانيه من إنهيار اقتصادي، وما إلى هنالك من أزمات تشتدّ حدّة مع غياب الإجراءات الإنقاذية.

 

نال التمايز السياسي الأميركي – الفرنسي في مقاربة الملف اللبناني، حيّزًا في لقاء وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخير. وعلى الرغم من هذا التمايز الواضح، يسأل الصيّاح، «كيف للفريقين أن يلتقيا على تحميل المسؤولية لبعض المسوؤلين دون سواهم، في تأخير تشكيل الحكومة وغيرها من عرقلة ملفات؟». ويؤكّد الصياح بأنّ هذا التساؤل ليس من باب الدفاع عن أحد، بل هو ما يتم تداوله في المجالس الدبلوماسية، فلماذا التركيز الدولي، وكأنّهم المسؤولين الوحيدين عن كل ما أصاب ويصيب الوطن اليوم؟

 

حزب الله يضع العقوبات برسم الشعب اللبناني

 

يجزم البعض بأنّ هذه العقوبات مرادها التضييق على حزب الله. فإنّ سبب فك أي إرتباط دبلوماسي سياسي مع الدولة اللبنانية، هو لعدم معاداة الدولة اللبنانية لحزب الله.

 

وفي هذا الاطار، تستغرب مصادر مقرّبة من حزب الله، هكذا عقوبات قد تتّخذها دول هي أوّل من يجاهر بالعدالة والديمقراطية في العالم. فقد كان من الأجدى على الدول التي تبحث في هكذا عقوبات، بأن تنتظر حتّى نهاية عهد الرئيس ميشال عون، لترى ما ستقرّر بعدها الديمقراطية اللبنانية، ولمن ستوكل إدارة البلد في المرحلة المقبلة.

 

وفي هذا السياق، تؤكّد المصادر بأنّ هذه العقوبات، ستنعكس سلبًا على الشرعية اللبنانية وعلى المؤسسات وعلى كل الشعب اللبناني. فهل من العدل بحال أرادوا محاربة المقاومة أن يحاربوا شعبًا كاملًا حتى بلقمة عيشه؟

 

الترجمة الاقتصادية للعقوبات

 

ممّا لا شك به، أنّ هذه العقوبات وإن وُضعت على سكّة التنفيذ، ستقضي على آخر مقوّمات الصمود لدى اللبنانيين. فبحسب ما يشرح الخبير الاقتصادي الدكتور جمال القعقور، إنّ عدم الإعتراف الدبلوماسي بلبنان ككيان، سيوقف التبادل التجاري، ونحن بلد مستورد في الدرجة الأولى. للأمر تبعات صعبة على كافة الأصعدة، لا سيما على القطاع الصحي الذي يواجه الأمرّين في الفترة الأخيرة، من جرّاء إنتشار فيروس الكورونا وبعد إنفجار مرفأ بيروت. يدرج المرجع الاقتصادي هذه العقوبات ضمن المخطط الدولي الساعي لإخضاع لبنان، لا سيما بعد المرحلة الأخيرة، حيث شهد الوطن العربي على اتفاقيات لتطبيع العلاقات مع اسرائيل.

 

بين شعارات العدالة الدولية وحماية الفاسدين المبطّنة

 

من يريد مساعدة لبنان ويريد إنقاذه فعليًّا من محنته، لا يشدّ الخناق على شعبه. عوضًا عن ذلك، على المجتمع الدولي الذي يتمسّك بشعارات العدالة، أن يسعى لمحاسبة الفاسدين. فإنّ العقوبات الأميركية التي صدرت بحق بعض الشخصيات اللبنانية، مصوّبة لتطال أشخاص من لون واحد كما يبدو لغاية تاريخه. أين العقوبات على من تطاله ملفات وشبوهات عديدة؟ لماذا غضّ النظر المجتمع الدولي عن كل ما ارتُكب بحق اللبنانيين طيلة السنوات الماضية، انطلاقا من السياسات الضريبية والنقدية التي اعتمدت وصولا إلى نهب وتهريب الأموال إلى الخارج؟

 

والظاهر كما يستنتج القعقور، بأنّ الطبقة الفاسدة قد خضعت لإملاءات الخارج، وهي اليوم محميّة من قبل هذه الدول، وبالتالي لن تطالها العقوبات. يكمن الخوف اليوم، في تواطؤ هؤلاء مع الخارج لسلب لبنان ثروته من الغاز والنفط. إنّ المفاوضات الراهنة على ترسيم الحدود، لا تعني إعطاء الضوء الأخضر حكمًا من أجل التنقيب. وفي الختام، يناشد الدكتور جمال القعقور الثوار، لإعادة إحياء الثورة والقيام بتحرك موحّد مستقل، في محاولة لحماية الوطن من الإنزلاق نحو الهاوية.