يعيش لبنان مواجهة حقيقيّة ومستمرّة لمحاولات السيطرة الإيرانية التي لا تكلّ ولا تملّ من عزمها على إحكام السيطرة عليه، فيما تصريحات كثيرة تؤكّد أنّ لبنان بات بالفعل في القبضة الإيرانية وقٌضي الأمر، من شاهد في النشرات الإخباريّة بالأمس إطلالة تلفزيونيّة «للحاج المجاهد» قاسم سليماني، لعن هذه المنطقة ألف مرّة واستنزل اللعنات أيضاً على الّذين طوال أربعة عقود اختاروا من جُبنهم وتخاذلهم أن يتركوا إيران تتغلغل في لبنان ظنّاً منهم أنّها ستبقى بعيدة عن دولهم وأراضيهم، حتى وصل السكّين الإيراني إلى حلوقهم وحزّها ويكاد يحتزّها أيضاً!!
أيضاً استفحال الخطر الإيراني على لبنان والمنطقة علينا الاعتراف بأنّ المتسبّب الأوّل وصاحب الحصّة الأكبر فيه هم السّاسة الأميركيان وعلى مدى عقود، منذ وقفوا وراء عودة الخميني إلى طهران بإذن المخابرات الأميركيّة وربما عنايتها ورعايتها، وما تعيشه المنطقة اليوم من شلل وعجزٍ عن إيجاد حلول ومن مآسٍ تسبّبت فيها إيران في العراق واليمن ولبنان وسوريا كلّها هي نتيجة التغاضي الأميركي والأوروبي عن العبث الإيراني بمصير دولٍ بإمّها وأبيها وشعوبها منذ ثمانينات القرن الماضي!
ويُدرك اللبنانيون أنّ القلق الأميركي تجاه حزب الله وإيران أيضاً لا يُسمن ولا يُغني من جوع، هذا «الموّال» لا يُغيّر حرفاً في القدر اللبناني الذي تكتبه إيران منذ العام 2006، سواء وصفته أميركا بأنّه «حالة لا تسهم في الإستقرار» أو أنّه «يزعزع الإستقرار بشكل أساسي»، لن يغيّر هذا حرفاً ممّا كتب للبنان، يتذكّر اللبنانيّون بأنّ أميركا وقفت متفرّجة فعلاً في 7 أيار الـ2008، وحتى الآن في الدّاخل اللبناني «التقيّة» سيّدة الموقف هذه الأيام، ووحده الله يعلم متى ستسقط هدنة «التقيّة» ومتى ستندلع الصّراعات التي تعيد البلاد إلى مربّع الصفر!
حان الوقت لنتحدّث كلبنانيين بواقعيّة مع بعضنا البعض، وأن نكفّ عن «التكاذب» و»التجاذب» وتمرير الوقت بصراعات هامشيّة تستنفد ما تبقّى من طاقة الشعب اللبناني على الاستمرار، والخروج من دائرة اليأس والإحباط من لبنان ودولته وسياسيّيه، ربما علينا الاعتراف بأننا لسنا دولة، وأن الدويلات تتالت على دولتنا وسلبتها هيبتها وقدرتها، وأننا نعيش في وطن أسهل الأمور فيه إشعال «فتن» متنقّلة، وانّ مصيرنا كشعب وكوطن ليس تحت قبة البرلمان، وليس في السراي الحكومي وليس على طاولة حوار في أي مكان انعقدت، مصير لبنان رهنٌ بالعقدة الإيرانية التي لا حلّ لها حتى السّاعة وإن اجتمعت دول العالم لتجد هذا الحلّ!
في أيلول العام 2017 أكد العميد فرهاد إسماعيلي قائد مقرّ «خاتم الانبياء» للدّفاع الجوي الإيراني، توفر الاستعداد لنشر القوات ومنظومات الدفاع الجوي في دول جبهة المقاومة، وتنفيذ ذلك فيما لو صدر الإيعاز من المرشد الإيراني علي الخامنئي، ولا يوجد عاقل إلا وتابع ما فعله حزب الله لتأسيس قواعد صواريخ في جبهة الجولان، مع أحاديثه الدائمة وتهديداته بترسانة صواريخه في لبنان!
قاسم سليماني «قصمه الله» شيطان المنطقة والعقل المدبّر لخرابها عبر حزب الله وأيديه المبعثرة في كلّ المنطقة، منذ شكّله الخميني وحتى اليوم، في ثمانينات القرن الماضي ومن لبنان مدّت الأفعى رأسها وتسلّلَت تنفث سُمّها وفحيحها من الكويت إلى البحرين إلى السعودية وإلى العراق وإلى اليمن وإلى كلّ دولة وبلد فيه وجود للشيعة أتقنت إيران استخدامهم سواء تحت غطاء التشيّع وابتهاج الوصول إلى الحكم في طهران ومنها السعي للسيطرة على المنطقة، ومن يقول غير هذا فهو يكذب على نفسه!