Site icon IMLebanon

لبنان يخسر الكثير من القروض الميسّرة والهبات بفعل غياب التشريعات المطلوبة لاستلامها

مجلس النواب يجدّد لمطبخه التشريعي مع بداية عقده الثاني في 18 الحالي

لبنان يخسر الكثير من القروض الميسّرة والهبات بفعل غياب التشريعات المطلوبة لاستلامها

الموازنة العامة تلتحق بما سبقها والقاعدة الاثني عشرية تقيّد الحكومة وتحول دون إطلاق المشاريع

في الوقت الذي تعج فيه الساحة السياسية بالسجالات والمناكفات حول مروحة من الاستحقاقات والملفات التي يأتي في مقدمها الانتخابات الرئاسية، تنصرف دوائر مجلس النواب إلى إعداد العدّة لملاقاة بدء العقد العادي الثاني للمجلس في أول ثلاثاء يلي الخامس عشر من هذا الشهر وينتهي مع نهاية السنة من خلال عقد جلسة عامة لتجديد المطبخ التشريعي من خلال انتخاب هيئة المكتب التي تتألف من أمين السر والمفوضين الثلاثة وانتخاب رؤساء ومقرّري وأعضاء اللجان النيابية، من دون أن تبرز أي معطيات توحي بإمكانية حدوث أي تغييرات تُذكر، حيث أن الظروف السياسية غير الصحيّة تحتّم إبقاء القديم على قِدَمه كون أن أي فريق سياسي لا يرى مصلحة لخوض معركة انتخابية يخالف فيه العرف الذي يسود منذ بضع سنوات حيث تحكم هذه الانتخابات التفاهمات والتوافق.

في العادة كانت اللجان النيابية تخضع لبعض التغييرات بفعل تغيير الحكومة، حيث أن الدستور وكذلك النظام الداخلي للمجلس يفرضان عدم جواز الجمع بين الموقع الوزاري والنيابي، بمعنى أن أي نائب يحالفه الحظ في الالتحاق بالركب الحكومي وكان عضواً في أحد اللجان وجب عليه تركه والإفساح في المجال أمام آخرين للاستلام محله، وبما أن الحكومة ما تزال على حالها فإنه من غير المتوقع حصول تغييرات على مستوى اللجان، وهذا الأمر سيكون حتماً محور البحث في اجتماع هيئة مكتب المجلس في العاشر من الشهر الحالي بالإضافة إلى بحث إمكانية التفاهم على جدول أعمال الجلسة العامة التي وعد الرئيس برّي الدعوة إليها في خلال هذا الشهر لإقرار المشاريع الملحّة وأبرزها مالي، وبما أن مهلة التمديد الثاني للمجلس تنتهي في حزيران المقبل فإن عمر هذه اللجان لن يكون طويلاً، وهي بالتأكيد لن تكون قادرة على إنجاز ما هو مطلوب منها بفعل أولاً استمرار الانقسام السياسي الذي أدى في الأساس إلى شلل المجلس، وثانياً كون أن عمرها لن يتجاوز الستة أشهر، باعتبار أن دعوة الهيئات الناخبة تكون قبل شهرين من نهاية ولاية المجلس أي في أيار المقبل.

ووفق مصادر نيابية فإن أولوية المجلس بعد تمرير استحقاق انتخاب اللجان ستكون درس مشروع الموازنة التي يفترض بالحكومة أن تحيله إلى المجلس النيابي، من دون بروز أي معطيات فعلية بإمكانية ولادة هذه الموازنة في ظل المناخات السياسية التي تحول دون تحقيق هذا الأمر منذ العام 2005، مما يجعل الصرف على القاعدة الاثني عشرية هو المعمول به.

وإذا كانت هذه المصادر ترى بأن الرئيس برّي لن يدعو إلى جلسة عامة ما لم تكن كل الأطراف السياسية موافقة على عقد مثل هذه الجلسة التي ستقارب موضوع الموازنة ومشاريع مالية وقروض ميسّرة وهبات دولية، فإنها أعربت عن مخاوفها أن تتحوّل هذه الدعوة إلى مادة سجالية إضافية، فالرئيس برّي أعلن أنه سيدعو إلى جلسة عامة ما إن يكون النصاب مؤمّناً بمعزل عن مشاركة هذا الفريق أو مقاطعة الفريق الآخر، في حين أن أطرافاً سياسية ترفض ان يقوم المجلس بأي عمل تشريعي قبل انتخاب رئيس الجمهورية، وهذا الواقع يتطلب حركة مشاورات ولقاءات يسبق أي دعوة لعقد جلسة تشريعية لتجنب توسعة الشرخ الموجود بين الكتل السياسية.

هل تكون جلسة انتخاب اللجان فاتحة خير لإعادة الروح إلى المجلس الذي غاب عنه التشريع منذ مُـدّة طويلة، تقول المصادر ان أي فريق سياسي من الممكن مخالفة الدستور في الاعتراض على عقد هذه الجلسة المخصصة لإعادة تجديد المطبخ التشريعي، غير ان هذا النمط من التعاطي السياسي مع التشريع ليس بالضرورة ان ينسحب على الجلسات العامة كون ان التعاطي مع هذه المسألة يتم من خلفية سياسية حيث ان هناك جهات تشترط انتخاب الرئيس قبل أي عمل تشريعي آخر، وهناك جهات لا ترى هناك من رابط وهي ترى ضرورة استمرار التشريع الذي يعتبر ضرورة إنجاز الكثير من الاستحقاقات والمشاريع ويشكل رافعة للحكومة في عملها، لافتة إلى ان لبنان قد خسر في ظل غياب التشريع الكثير من الهبات والقروض الميسرة التي كانت مشروطة بمشاريع معينة وبمدة زمنية محددة، وطالما ان لبنان لم يلتزم بالاثنين معاً بأن هذه الدول والصناديق قد سحبت ما كانت تنوي ان تقدمه إلى لبنان، وربما ذهب ذلك إلى دول أخرى وبالتالي لم يعد باستطاعة لبنان استعادة هذه القروض والهبات بأي شكل من الاشكال.

وحيال ذلك فإن المصادر النيابية تنحاز إلى فكرة تشريع الضرورة، خصوصاً وأن لبنان يمر بمرحلة مالية واقتصادية صعبة ومعقدة حيث زاد النزوح السوري الطين بلة في هذا المجال إذ خسائر لبنان نتيجة النزوح الكثيف إليه المليارات من الدولارات، حيث لم تلتزم الدول المانحة بالأرقام التي أقرّتها بالنسبة لمساعدة لبنان على معالجة هذا الملف، فهذه الدول وعدت بالكثير ولم تقدّم الا القليل وهذا رتب على الخزينة اللبنانية اعباءً إضافية لن يكون في مقدور لبنان تحملها في ما لو بقي المجلس النيابي عاطلاً عن عمله التشريعي، من هنا فإن المصادر ترى ضرورة وضع النكد السياسي جانباً والانصراف إلى تحريك عجلة التشريع قبل ان يفقد المجتمع الدولي الثقة بلبنان كونه لا يلتزم بوعوده، وهذا الأمر سيراكم التعاطي السلبي مع لبنان من قبل الدول التي كانت مستعدة لتقديم يد العون له على المستويين المالي والاقتصادي.