IMLebanon

لبنان «المحظوظ»..

 

ليس قليلاً «حظ» لبنان: في أقل من أربع وعشرين ساعة حظيَ باهتمام استثنائي مشفوع بحرص لا يُقارن عليه، من قبل إثنين من روّاد الحكمة في المنطقة والعالم! ومن المعتَبَرين في قيادة الدول استناداً إلى أسس ونُظم تقدّس الحرية والحياة والرفاه وتداول السلطة! وتلتزم بالعمق الشرائع الناظمة لحقوق الإنسان والعلاقات الدولية! ومقتضيات المحافظة على السلم والاستقرار، والامتناع عن التدخّل الفظّ في شؤون الغير! ووضع العلم والإبداع والتلاقح الثقافي في رأس «مانفيستو» الصادرات واعتمادها منهجاً وحيداً للعلاقات مع الآخر!

رئيس إيران الشيخ حسن روحاني مصدوم لأنّه لم يرَ قبل الآن «في التاريخ»، أمراً شبيهاً بـ«التدخّل السافر» للسعودية في شؤون لبنان.. ورئيس سوريا السابق بشّار الأسد مهموم لأن الرئيس سعد الحريري ليس «سيّد نفسه»، وإنّه «أُقيل ولم يستقل»!

أما «السّفور» الذي حكى عنه روحاني، فهو في مكانه الصحيح! وليس غير رئيس إيران مَن يمكنه إعطاء دروس في رفض ذلك الأداء البدائي السابق على الخرائط والكيانات السياديّة للدول والمجتمعات الحرّة! والرافض، سياسياً وعملياً وإعلامياً وتوجيهياً وتثقيفياً و«جهادياً» (وفقهياً؟) ودستورياً منطق مدّ اليد إلى صحون الآخرين! والتطاول على كياناتهم الوطنية! والتسرّب من بين شقوقهم لتوسيعها! واختراع ما يشقّقها إذا كانت متماسكة! والعمل على بناء حيثيّات غير شرعية ونظامية بينهم! ثمّ الاستثمار في أيّ شيء ممكن، من المذهب إلى الميليشيا المسلّحة، من أجل ادّعاء حيثيّة ذاتيّة على حسابهم! ثم مراكمة أدوات تدخّل بالمال والسلاح لإحكام الادّعاء الاقتداري! ثمّ القتال بأبناء تلك الأقوام المحظوظة خارج حدودها وفوق مصالحها! ثمّ توريط التوابع بمهام وقضايا لا تخصّهم! ثمّ بعد ذلك، أخذهم مطايا لتنفيذ مآرب غيرهم! ثمّ التغنّي بحطامهم باعتباره الطريق الوحيد إلى الجنّة! ثمّ عدم التورّع عن استغلال ذلك الحطام الدموي والروحي والقيَمي لادّعاء محوريّة امبراطورية مشتهاة!

رئيس إيران يحكي عن «التدخل السافر» في شؤون لبنان فيما أدوار بلاده فيه وفي سوريا والعراق واليمن والبحرين والكويت والسعودية نفسها، وتلك التي في «شمال أفريقيا»! ليست سوى تدخّل محتشم في تلك الدول، عماده الأوّل احترام عميق لكراماتها الوطنية والسيادية! ولنُظُمها الشرعيّة! ولمؤسّساتها الرسمية! ولاستقرارها الأمني والاجتماعي! ولقيمها وموروثها الثقافي والديني والسياسي وعاداتها وتقاليدها ومواضيع عيشها! أمّا الأدوات والطرق والأساليب والوسائل التي تتوسّلها تلك الأدوار فهي ليست سوى نماذج يصعب استنساخها لشدّة فرادتها المدنية والحقوقية والإبداعية والإنسانية والجمالية!

.. أما السيادة على النفس التي حكى عنها رئيس سوريا السابق، فهي أيضاً في مكانها الصحيح! وليس غيره مَن يمكنه ندب غيابها والتأسّي على ضمورها واضمحلالها! باعتبار أنّه هو نفسه مرجعاً يُعتدّ به في كيفية تمتينها وتعزيزها وإحكام سطوتها على كلّ شيء في سوريا.. كلّ شيء بما فيه الأرض والسماء والكيان والبشر والسلطات والأجهزة، وصولاً إلى حرسه الجمهوري ذاته! ومحيط سكنه الدمشقي! وجغرافية مسقط رأسه! وصولاً إلى «قراره» في الصغيرة والكبيرة والمهمّة والتافهة!

رئيسا إيران وسوريا، عنوانان لا يحتاجان إلى أيّ شرح إضافي.. أم ماذا؟!