IMLebanon

«لبنان قد لا يستطيع تفادي الاضطرابات التي ورّطت الشرق في زوبعة قاصمة»

مراكز أبحاث أميركية تزخّم رصدها للسلفية ومدى تأثيرها في قواعد تيار «المستقبل»

«لبنان قد لا يستطيع تفادي الاضطرابات التي ورّطت الشرق في زوبعة قاصمة»

الباحث الأميركي ينبّه في تقريره إلى أن المسؤولين اللبنانيين ما زالوا غافلين عن المخاطر التي تمثلها تهديدات الحراك السلفي

يحضر الحراك السني – السلفي في لبنان، في صلب النقاشات في عدد من مراكز الابحاث الاميركية. ولا تخفى رغبة هذه المراكز وسعيها لقياس حجم هذا الحراك ومدى تأثيره في قواعد تيار «المستقبل» المعتبَر أميركيا الزعيم المطلق للسنة، وخصوصا للمعتدلين من بينهم، وهم الغالبية وفق الادبيات الاميركية.

خصّص احد مراكز الأبحاث جلسة حوارية تناولت هذا الحراك السني – السلفي من باب مجموعة من الاحداث اللحظوية او المستقلة او المحصورة التي حصلت في السنة الفائتة، ومنها الهجوم على الحافلة التي كانت تنقل مقاتلين من حزب الله في شتورة، والتفجير الانتحاري في برج البراجنة.

يرى احد الباحثين الذين شاركوا في هذه الندوة ان لبنان راهنا «يعاني ازدياد التذمّر الداخلي معطوفا على أزمة لاجئين جديدة». ويعتبر ان «هذا الخليط المميت قد يخلق وضعاً لا تُحمد عقباه هذه المرّة». وينبّه الى ان «المسؤولين اللبنانيين لا يزالون غافلين عن المخاطر التي تمثّلها هذه التهديدات». ويقول: «إذا كان من المبكر نوعاً ما تقييم ما إذا كانت لجان المقاومة، التي تبنت في بيانات اعلامية عددا من الهجمات ومنها ما تعرضت له الحافلة في شتورة، امتداداً للفصائل الجهادية في سوريا، شأن جبهة النصرة، أم أنّ هذا الحراك هو بمثابة «الصحوة» التي لا يرغب فيها أهل السنّة في لبنان، إلا أنه من الواضح أنّ هذه الحركة هي احد نتاجات الحرب الأهلية السورية. وتظهر لغة بيانات المجموعة مفردات غريبة عن النسيج اللبناني. فاستخدام كلمة «الصفويون» للإشارة إلى الشيعة و«النصيريون» لوصف العلويين، هو اقتباس واضح من مصطلحات استخدمتها مجموعات في الداخل السوري».

ويلفت الى ان «وجود مجموعة متمرّدة بخلفية خارجية لكن بروابط داخلية تنقضّ على بلد مثل لبنان يعاني أصلاً مشاكل مرتبطة بتوفير خدمات أساسية، لا يفاجئ احدا». ويحذر من ان لبنان بأزماته الراهنة السياسية والبنيوية والاجتماعية «قد لا يستطيع بعد الآن تفادي الاضطرابات التي ورّطت الكثير من دول الشرق الأوسط في زوبعة قاصمة، وهو لطالما كان عرضة للاغتيالات والتفجيرات والعنف الطائفي».

ويدعو الطبقة السياسية بكل فروعها الى «التعامل بجدية وحكمة مع المخاطر المتزايدة والهجمات التي تمت او تلك التي يجري تحضيرها (وقد أحبطت الاجهزة الامنية العديد منها)، مع ضرورة الافادة من عِبر الأيام الأولى للحرب الأهلية، عندما استثمرت منظمة التحرير الفلسطينية في الصراع اللبناني وأشعلت فتيل الصراع بالوقوف مع طرف ضد آخر. ويشير الى أن اكتساب الفائدة من تلك الدروس هو امر هام للغاية، خصوصا أن التحدي المقبل للبنان قد يكون أكثر صعوبة بكثير من الحرب الأهلية المدمرة  (1975 – 1990). فسوريا تشتعل والعراق هالك والمنطقة تغلي. ولكي يبقى لبنان صامداً، وعلى اهله الاعتراف بخطورة الوضع».

ويرى باحث آخر ان «نمو الحركة السلفية في لبنان أدّى إلى زيادة الانقسام في المجتمع المسلم السني وتخفيف قوته الجماعية». ويشير الى ان «السلفيين شكّلوا أيضاً عاملا هاما في سوريا، حيث كانوا من أوائل الداعمين للثورة ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد عام 2011. وقد ساعد الجهاديون السلفيون من عين الحلوة على تدريب المقاتلين من جبهة «النصرة» التابعة لـتنظيم «القاعدة». ويستمر غيرهم من المقاتلين في سوريا بتلقي الدعم اللوجستي من طرابلس. وفي الوقت نفسه، أصبح «حزب الله»، الذي يقاتل إلى جانب نظام الأسد في سوريا، يعتبر «حزب الشيطان» بالنسبة إلى السلفيين، الذين يشكون من أن الزعماء السنة لم يتخذوا أي إجراء فاعل للحد من أنشطة الحزب التي تستهدف السنة في سوريا».

ويخلص الى انه «من الصعب على نحو متزايد التمييز بين الناشطين السلفيين والجهاديين السلفيين في لبنان. ففي معركة القصير التي دارت في سوريا عام 2012 على سبيل المثال، أصدر العديد من العلماء السلفيين الناشطين فتاوى تشير إلى أن الجهاد في سوريا هو واجب إسلامي. أما في الوقت الراهن، فيبرز مستوى جديد من المرونة بين الناشطين السلفيين والجهاديين السلفيين. وهذا التحوّل في لبنان شائع ومقلق على حد سواء».