Site icon IMLebanon

لبنان يرصد «ترامب الباحث» عن «حلفاء جدد» في سوريا؟

لبنان يرصد «ترامب الباحث» عن «حلفاء جدد» في سوريا؟

جورج شاهين

منذ أن وقّع الرئيس الأميركى دونالد ترامب مساء السبت 29 كانون الثاني الماضي أمراً تنفيذياً لوضع استراتيجية جديدة لـ»هزيمة» تنظيم «داعش» تراجعت المساعي الجارية على مسار أستانة في انتظار وضوح رؤية الإدارة الأميركية الجديدة والتي ستكون شريكاً أساساً في المرحلة المقبلة بموجب التفاهمات بين واشنطن وموسكو. وهو ما يرصده لبنان بدقة. فما هي المخاوف التي رُصدت؟ وما هو المتوقع؟

قبل البحث في ردات الفعل المنتظرة على الخطط الأميركية الجديدة تجدر الإشارة الى أنّ ترامب اراد بقراره هذا «الوفاء» بوعد قطعه في 7 ايلول الماضي اثناء حملته الانتخابية بالقيام بما يلزم في مواجهة الإرهاب الذي تحكّم بمناطق واسعة في سوريا والعراق.

وهي مسألة اعتبرها يوماً ما من القضايا الاساسية بعدما انتقد بحدة بطء التقدم في عهد سلفه باراك اوباما في مكافحة المسلّحين المتطرّفين. وفي محاولة جدّية لإستعادة ما فقده من الثقة لدى الشعب الأميركي التي تراجعت الى حدودها الدنيا بعدما اقتربت من نسبة الـ 41 % عقب قراراته وأوامره التنفيذية التي بدأ بها ولايته الرئاسية.

أما وقد كشف ترامب باكراً في الأيام الأولى من ولايته الرئاسية عن خططه للمنطقة وسوريا والعراق تحديداً، فقد توقفت مراجع ديبلوماسية وسياسية أمام ردات الفعل التي تركتها على أكثر من ساحة عربية وغربية بالإضافة الى المسرح الذي بات محكوماً بالحلف الثلاثي الجديد الذي ربط موسكو بأنقرة وطهران.

ولذلك فقد دعت هذه المراجع الى قراءة جديدة للأمر التنفيذي لترامب الذي طلب فيه من وزير الدفاع جيمس ماتيس أن يحدد في مهلة اقصاها 30 يوماً «شركاء جدداً للتحالف» الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم «داعش» في سوريا والعراق منذ اعلان جدة في 11 ايلول 2014.

وعليه، فقد توقفت المراجع الديبلوماسية والسياسية عند الحديث عن «الحلفاء الجدد» وفقاً لما أشار اليه تقرير بالغ الدقة تبلّغته مراجع إقليمية وجيرت نسخة منه الى بيروت وتحدّث بالتفصيل في موضوع البحث عن «حلفاء جدد» بما يعكسه من حجم ما هو مطلوب، في الأمر التنفيذي الذي يخضع لنقاش لدى وزارة الدفاع، من إجراءات وآليات العسكرية يمكن أن تقدم عليها قيادة المنطقة الوسطى في المرحلة المقبلة في غضون ثلاثين يوماً.

وقال التقرير إنّ هذه الإجراءات ستتحدّد من خلال التغيير المتوقع في «قواعد الاشتباك» التي يطبّقها الجيش الاميركي في المنطقة كمّاً ونوعاً منذ رعاية أوباما انطلاقة «الحلف الدولي» والقيود الملزم باتّباعها.

وكلّ ذلك بما يخدم الهدف نفسه وهو «التخلّص من القوى الشريرة» التي تحدّث عنها ترامب بما فيها التي «تتجاوز ما يتطلّبه القانون الدولي في ما يتعلّق باستخدام القوة ضد داعش» ومحارَبة التنظيم وحلفائه على كلّ الجبهات وبكلّ الوسائل، بما فيها الوسائل التكنولوجية وعبر شبكات التواصل الإجتماعي والانترنت وملاحقة مصادر الدعم وتجفيفها توصّلاً الى قطع الموارد المالية عنها.

ولذلك فلا يمكن للمراجع أن تفصل بين موضوعَي «الحلفاء الجدد» والتعديل الجذري المحتمل على «قواعد الإشتباك» من دون ربطهما بمضمون الإتصالات التي يجريها ترامب للمساهمة في إطلاق هذه الخطط مع مختلف رؤساء الدول المعنيّة بأزمة المنطقة وأبرزها الإتصال الذي أجراه بنظيره الروسي فلاديمير بوتين وما رافق الإعلان عنه من التوسّع في الحديث عن سلّة من التفاهمات التي يمكن أن تؤدّي الى مقاربة جديدة للأزمة السورية.

ويشير التقرير الى أنّ هذه التفاهمات على رغم الغموض في شأنها فقد ألقت بثقلها على اجتماعات «أستانة 2» التي عقدت مطلع الأسبوع الجاري ففرملت القرارات الكبرى التي كان يتوقعها البعض.

فالأطراف التي شاركت فيها والتي ضمّت، إضافة الى مندوبي كلّ من روسيا وتركيا وإيران وممثلي الأمم المتحدة، ممثلين عن الأردن للمرة الأولى، لم تتمكن من حسم الآليات التي ستُعتمد لتعميم وقف النار وترسيخه ووقف الخروق الخطيرة التي أصابته منذ التوصل اليه في 29 كانون الأول الماضي.

وعليه فإنّ التقرير ربط بين الإجراءات الأميركية الجديدة ومظاهر التردّد التي أعقبت لقاء أستانة لجهة تثبيت وقف النار والحماوة التي شهدها بعض الجبهات في مواجهة «داعش»، وخصوصاً في مدينة «الباب» التي يتسابق الجانبان التركي والسوري للسيطرة عليها وما يمكن أن ينتج عن التوتر بين الدولتين توصّلاً الى الخشية من مواجهة مباشرة بينهما، قبل أن تقع أولى المواجهات أول من أمس الخميس على تخوم «الباب» التي سبق الأتراك الجيش السوري وحلفاءه في السيطرة عليها.

وفي انتظار إتّضاح الصورة التي ستعبّر عن المشهد الجديد بوجود ترامب في البيت الأبيض والتي لن يطول انتظارها، عبّرت المراجع السياسية والدبلوماسية عن قلقها من المواجهة المحتملة بين واشنطن وطهران بفعل محاولة الأولى تقليص حضور الثانية وتمدّدها خارج أراضيها وما يمكن أن يصيب لبنان منها إذا ما توسّعت الإجراءات الأميركية بضمّ «الحرس الثوري الإيراني» الى جانب «حزب الله» على لائحة المنظمات الإرهابية الموجودة على الأراضي السورية، وخصوصاً أنّ إجراءات وزارة الخزانة الأميركية قد طاولت بعقوباتها المؤسسة التي تدعم هذا «الحرس» ومركزها الضاحية الجنوبية من بيروت.

وما يرفع منسوب القلق أنّ التقرير أشار الى التفاهم الروسي – الأميركي للقضاء على نحو 15 ألف مقاتل من داعش منتشرين على الأراضي السورية وعدم السماح بمغادرتهم الأراضي السورية في اتجاه أوروبا ودول الإتحاد السوفياتي السابق، وهو ما سيؤدّي حسب التوقعات الى مزيد من المعارك في المناطق التي تسيطر عليها «داعش»، وكذلك الى سقوط عشرات الألوف من المواطنين السوريين الذين تحوّلوا دروعاً بشرية على مختلف الجبهات المفتوحة بين الطرفين.