IMLebanon

لبنان تقدم بالاقتراح العملي الوحيد في قمة نواكشوط

خرق اقتراح لبنان حلاّ لمسألة النزوح السوري في قمة نواكشوط رتابة البيانات الختامية التقليدية للقمم العربية التي تكرّر بعبارات انشائية مواقفها من عام الى عام. لكن تقديم الاقتراح لا يعني حتمية انتقاله الى حيّز التنفيذ، بسبب تخاذل المجتمع الدولي عن فرض حلّ في سوريا سواء الاطراف المشاركة منه في حربها او تلك التي تبتعد عن اتخاذ موقف واضح عن تواطؤ او عن عجز، وذلك اضافة الى الخلافات العربية.

فقد دعا رئيس الحكومة تمام سلام في الكلمة التي القاها امام قمة، توزّع حضورها بين عدد قليل من قادة الدول لم يتعد السبعة بمن فيهم رئيس الدولة المضيفة الى جانب رؤساء حكومات ووزراء خارجية، الى «تشكيل هيئة عربية تعمل على فكرة انشاء مناطق اقامة للنازحين السوريين داخل الاراضي السورية وإقناع المجتمع الدولي بها»، وكذلك «انشاء صندوق عربي لتحسين شروط اقامتهم المؤقتة».

لقد تقدم الرئيس سلام باقتراحه «رغم معرفته بصعوبة الوضع وتعقيداته بما لا يسمح اقله بتوقع الحصول على مساعدات مالية او حتى سياسية« وفق ديبلوماسي لبناني سابق، وهو ما يعزوه الى «ان لبنان يستمر في دفع ثمن سياسات «حزب الله« التي ترسمها له طهران». لذا نأت غالبية العرب، وخصوصا دول الخليج، بنفسها عن بند طالما لازم البيانات الختامية للقمم العربية السابقة والمتعلق بالتضامن مع لبنان. وهو بذلك يشير الى تورط الحزب العسكري في القتال الى جانب بشار الاسد اضافة الى تورطه في زعزعة استقرار بعض دول الخليج من اليمن الى البحرين وما اليهما.

كذلك بدا العرب في قمتهم السابعة والعشرين التي ساوت بين تدخلات ايران في الشؤون العربية وبين «داعش» ، كما العالم، في حال جمود ينتظرون نتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية قبيل نهاية العام الجاري، لتحديد خياراتهم. ولم يتوصلوا في القمة التي اقتصرت على يوم واحد، بدل يومين على جاري العادة، الى حلول او تسويات للازمات السياسية والامنية التي تعصف بعالمهم.

ويتساءل المصدر عن امكانات واحتمالات النجاح بتسويق هذا الاقتراح. ويلفت الى ان الغرب عموما يرفضه «لانه يتطلب عمليا تورطا اكبر له في الحرب السورية» بحيث لا يكتفي بالقصف من الجو. فمسؤولية الحفاظ على هذه المناطق تقع اساسا على الامم المتحدة، بنظره، لا على عاتق لبنان. وهو يذكر بتجارب المطالبة الفاشلة السابقة بمثل هذه المناطق سميت «مناطق ايواء او مناطق آمنة» والتي طالبت بها فصائل سورية معارضة او تركيا.

هذا فيما يتعلق بالخارج، اما بالنسبة للداخل فثمة اطراف محلية ترى ان اي حلّ لمعضلة النزوح السوري، الذي بات يفرض على لبنان تحديات امنية واقتصادية واجتماعية لا طاقة له على تحملها، تستلزم حكما التواصل مع النظام الاسدي، وهو ما ترفضه غالبية القوى اللبنانية من تنسيق مع نظام قتل نحو 500 الف من ابناء شعبه وهجر اكثر من 10 ملايين منهم بين نازحين في الداخل والى الخارج. فعلى سبيل المثال لا الحصر قال بالامس رئيس تنظيم «المرابطون» مصطفى حمدان في معرض تعليقه على اقتراح سلام «ان من يريد حلّ مشكلة النازحين عليه ان يتكلم مع الحكومة السورية».

ووصل الامر بوسائل اعلام ممانعة حدّ تزوير الوقائع بتصويرها ان لبنان تحفظ في القمة على كامل بند يدين التدخلات الايرانية في الشؤون العربية رغم ان لبنان «المتضامن مع العرب» ايده فعليا، ولم يتحفظ، كما اوضح الرئيس تمام سلام بنفسه سوى على فقرتين منه تصنفان حزب الله «ارهابيا« وذلك حفاظا على الاستقرار المحلي. فحكومة لبنان هي كل ما تبقى من مؤسسات الدولة الاساسية العاملة، إن بحدها الادنى، فيما الرئاسة الاولى شاغرة منذ اكثر من عامين ومجلس النواب شبه مشلول.