يا لممانعة المحور التي تتحرك بهلوانياً على حبل المصطلحات، وذلك بغية تجنب المواجهات المتعلقة بصد العدوان الإسرائيلي عن نفط لبنان، والتي تشكل في الأساس ذريعة عدوانها على السيادة والدولة والمؤسسات.
يا لشطارتها وهي تتفرج على كل ما يجري منذ تعليق عملية التفاوض غير المباشر بين لبنان والعدو الإسرائيلي على ترسيم الحدود البحرية جنوباً، في أيار الماضي. ولا تدين الإهمال القاتل لرأس الهرم، ولا ترميه بوردة لأنه لا يحرك ساكناً حيال “إسرائيل التي لا تنتظر لبنان” والتي “بدأت التنقيب في حقل كاريش”…
ويا لديبلوماسيتها عندما تصنف “إستفزازاً” تلزيم العدو الإسرائيلي مناقصة التنقيب عن الغاز والنفط في المناطق المتنازع عليها مع لبنان وشفط ثروته النفطية. وتحديداً في الجزء الشمالي من الحقل رقم تسعة، حيث الحدود البحرية مع لبنان، أي داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان وفقاً للتحديد اللبناني. وتسارع إلى أسئلة إتهامية بشأن الدور الإماراتي الى جانب العدو ضد لبنان.
ولا يهمها أن عدوانها المستمر على دول الخليج بالحبوب المخدرة والطائرات المسيرة والمكائد المدبرة، لا يختلف عن العدوان الإسرائيلي، لأنه يتوحد في الأهداف معه، ويؤدي إلى إستنزاف مقدرات البلد وتضييع حقوقه، ويضر فقط باللبنانيين الذين يسترزقون ويؤمنون رزق عائلاتهم في لبنان من هذه الدول التي فتحت لهم سوق العمل.
ولا عجب، فممانعة المحور لها باع طويل في الإستنسابية. ولا يهمها من يتوقف عند مفارقاتها الفاقعة حين تدين تطبيعاً خليجياً مع العدو الصهيوني، وتطبل وتزمر لخطوات الأردن ومصر، وهما الأعرق في التطبيع من “كامب ديفيد” إلى “وادي عربة”، فقط لأن هذه الخطوات وتحت عنوان “استجرار الغاز إلى لبنان” تساهم بعودة العلاقات الرسمية اللبنانية مع النظام السوري وفق مصالح رأس المحور، وإن بحجة وقف الإنهيار في لبنان.
في المقابل، تعتمد هذه الممانعة مبدأ “كفى الله المؤمنين شر القتال” عندما يتعلق الأمر بإسرائيل. وهي بالتأكيد لا تعتمده عبثاً. ذلك أنها تعلم علم اليقين عجز البيئة الحاضنة عن إحتمال تبعات أي قتال. فقذيفة واحدة تنطلق من فلسطين المحتلة كفيلة بكشف هشاشة هذه البيئة وصمودها وهشاشة الشعارات التي تتلطى خلفها.
والممانعة لا تستطيع في هذه المرحلة إدارة إي نزوح للبيئة الحاضنة، وليس فقط لأنها تريد منها أن تعيد تعويم ممثليها بعد أشهر في صناديق الإقتراع، إذا صدقنا أن الانتخابات ستجرى وبضغط دولي، ولكن لأن الحرب مع إسرائيل لا تخدم رأس المحور الواقف عند حدود إبتزاز الغرب بالورقة اللبنانية وغيرها، في إدارته لملفاته، وأهمها مفاوضات فيينا.
لذا كان اللجوء إلى مصطلحات التمويه والتخفيف من فعل العدوان الإسرائيلي السافر والموصوف على الاقتصاد اللبناني، وتجنب إي تصدٍ مسبق لردع الشركة الملتزمة عن التنقيب، والإكتفاء بتصنيفه “إستفزازا”..
وعلى أي حال، لا تلام ممانعة المحور على بهلوانياتها في صياغة المصطلحات… فهي في الأصل لا تعترف بالحق الشرعي للعدو الإسرائيلي لتفاوضه على ترسيم حدود أرض إغتصبها… وبالتالي لا اعتراف ولا تفاوض حتى عودة الأرض المغتصبة إلى إصحابها الفلسطينيين.. حينها تصبح المفاوضات على الحدود مصانة بالشرع..
بالإنتظار.. الحكمة تقضي بتجاهل الإستفزاز والتركيز على تهريب المازوت الإيراني من دون قيد ولا شرط إلى عمق الأراضي اللبناني المحررة. فالأرباح في مثل هذه المواجهة مضمونة على الورقة والقلم…