Site icon IMLebanon

لبنان على شفير  لعبة الأمم

كأن مقررات هامبورغ الأميركية – الروسية التي أوصت بالهدنة في جنوب سوريا، نقلت عدة الحرب الى شرق لبنان، فارضة على الواقع اللبناني المزيد من التجاذبات والانقسامات الداخلية، والاقليمية، تحت عنوان حسم معركة جرود عرسال، التي حدّد حزب الله ساعة صفرها كما يبدو وأطلق الطيران السوري الوجبة الأولى من صواريخها.

وقد يتوصل الرئيس سعد الحريري مع قائد الجيش العماد جوزاف عون، اليوم، وغدا مع اللجنة الوزارية المختصة بشؤون النازحين السوريين، الى وقف التدهور المرتقب، والعودة الى الرهان على القنوات الدولية العاملة على البارد، لكن من المؤكد ان الأوساط الحكومية قاطعة بحتمية، بقاء الجيش اللبناني، خارج لعبة الأمم الجارية في سوريا.

ولاحظت هذه الأوساط، انه ما ان أعلن المكتب الاعلامي لرئيس الحكومة عن دعوته العماد عون الى اللقاء في السراي اليوم، حتى بادر الطيران السوري الى شنّ غارات متتالية على مواقع للمسلحين في الجرود، داخل نطاق الأراضي اللبنانية، الأمر الذي اعتبره البعض قصفا للسيادة اللبنانية، فيما يرى البعض الآخر ان السيادة التي يتحدثون عنها، باتت أقرب الى ماء الصحراء، مجرد سراب…

هذا البعض يحاول اعطاء تحفظات الأطراف الرسمية، بعدا انتخابيا شعبويا، للتقليل من توهجه السياسي والوطني، الأمر الذي دفع بمراجع غير السياسية، الى رفض العبث بأمن اللبنانيين، ما دام هناك قرار سياسي جامع بالتصدّي لكل ارهاب، أيا كان توجهه أو انتماؤه….

لكن ثمة وجهة نظر تقول ان ما يعيق حسم الوضع عسكريا في جرود عرسال، هو وجود مئة ألف نازح في مئة وعشرة مخيمات، مقابل ١٥٠٠ مسلح على الأرجح. ومن هنا اعطاء الأولوية لتجفيف بحيرة النازحين، عبر المنظمات الأممية المعنية وبالتنسيق معها، وليس بالتنسيق مع مصدر النزوح، أو على طريقة داوني بالتي كانت هي الداء، وبعدئذ يتبدّد وجود المسلحين تلقائيا.

وثمة من أشار الى اجتماعات تنسيقية دورية تعقد بين ضباط لبنانيين واسرائيليين بحضور ضابط دولي، في الناقورة، كلما حصل تجاوز اسرائيلي، أو خطف راع لبناني أو مزارع، متسائلا عن الغرابة في عقد اجتماعات تنسيقية مع الجيش السوري أيضا وجاء الجواب، بأن اجتماعات الناقورة تعقد بين ضباط، ولمعالجة أمور اشكالية محددة، وليست لتنسيق العمليات داخل الأراضي اللبنانية، كما هو مطلب الجانب السوري، عبر حلفائه، وليس على مستويات حكومية، علما ان هناك مكاتب تنسيق بين البلدين، عسكرية وأمنية، تعمل ضمن حدود الاتفاقات المعقودة.

هذه التطورات، أقلقت النائب وليد جنبلاط، من احتمال ان يعمد الرئيس الأميركي ترامب الى تنفيذ كلامه بتحجيم ايران، من خلال الضرب في لبنان.

أما مصدر قلق رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، فهو اقتناعه بأن أي اتصال حكومي لبناني مع النظام السوري، من شأنه عرقلة عودة النازحين، ممن سيرفض ثمانون بالمئة منهم العودة من تحت الدلفة الى تحت المزراب…

والمكابرة في هذه الأمور، ليست في مصلحة أحد، لا العهد ولا بالطبع الحكومة، ولا استطرادا الانتخابات الموعودة في أيار المقبل، وقبل الانتخابات، مشروع النهوض بالدولة الذي اعتبره الرئيس عون في أولوية الأولويات، عدا عن المزيد من التقهقر في علاقات لبنان العربية.

المصادر المتابعة ترى في الأفق مشروع مغامرة على حدود لبنان الشرقية، يبدو انه بات خيار بعض الأطراف، وهو خيار قد يكون مضمون النجاح ميدانيا، لكن انعكاساته السياسية الداخلية، لن تكون كذلك أبدا، في ظلّ دولة تعاني من النقص في بنيان المؤسسات، وزيادة في تدهور العلاقات مع المحيط العربي المفيد، بمواجهة كتلة من الأزمات السياسية والاقتصادية والمالية، والفسادية، لا تدري سبيلا للخروج منها، إلاّ بمجاراتها. وليس أصعب من معالجة الأزمات، سوى ادارتها…