IMLebanon

لبنان على محطة الإنتظار لبلورة مسار الصفقات حول النووي الإيراني وسوريا

تحركات الداخل الخجولة وتطورات المنطقة لا توحيان بإمكانية حلحلة الأزمة السياسية قريباً

لبنان على محطة الإنتظار لبلورة مسار الصفقات حول النووي الإيراني وسوريا

الإنجاز المنظور لجلسات الحوار حتى الآن: التخفيف جزئياً من حالة الإحتقان بين السنّة والشيعة ومن حالة التشنّج السياسي في البلد

لا توحي المؤشرات والوقائع والتحركات السياسية الخجولة إلى حدٍّ ما بإمكانية حلحلة للأزمة السياسية التي يتخبط فيها لبنان منذ الربيع الماضي بالرغم من معاودة الحوار المقطوع بين مكونين أساسيين من الشعب اللبناني، بين «تيار  المستقبل» و«حزب الله» منذ أسابيع، بل تشير كل الوقائع إلى أن الأزمة مستمرة لوقت غير معلوم حتى الآن وعلى الأرجح لتبيان مسار التطورات الأساسية في المنطقة، إن كان على صعيد الملف النووي الإيراني أو الأزمة السورية واتجاهاتها ومؤثراتها على الدول المجاورة ولبنان من ضمنها.

وفي ضوء ذلك وبالرغم من الآمال المعلقة على الحوار الجاري بين الطرفين المذكورين وإمكانية بدئه بين «القوات  اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» في وقت قريب، لم يعد أمام اللبنانيين إلا التعايش مع  الواقع القائم وتقطيع المزيد من الوقت في انتظار حلول موعد الصفقة المحتملة بين واشنطن وطهران والتي يبدو أنها قطعت شوطاً بعيداً باتجاه إتمامها بالرغم من كل ما يثار حولها من غبار الخلافات المضخمة المفتعلة عمداً من هذا الطرف أو ذاك لتفادي عرقلتها وإفشالها وخصوصاً من إسرائيل ومن بعض الداخل الإيراني، في حين لوحظ أن مشاعر الحماس لدى اللبنانيين تجاه معاودة الحوار ونتائجه بدأت تخف تدريجاً قياساً عما كانت عليه من قبل والرهان المطروح على إمكانية تحقيق اختراق محدود للأزمة السياسية المستحكمة من خلاله أصبح محدوداً عما كان عليه من قبل استناداً إلى ما تكشَّف من وقائع بعض جلسات الحوار والبطء في إنجاز التوصّل إلى قرارات بخصوص مسائل وقضايا ليست في غاية الصعوبة والتعقيد، الأمر الذي يؤشر ضمناً إلى ان الوصول إلى مناقشة الأزمة السياسية وطرح التصورات المحتملة لكل من الطرفين بخصوصها قد يطول ويطول أكثر مما هو متوقع، اما التوصّل إلى اتخاذ قرارات وتفاهمات نهائية بشأنها قد يكون غير ممكن في القريب المنظور نظراً لعدم استطاعة «حزب الله» اتخاذ قرارات نهائية بمعزل عن موافقة طهران كما هو معلوم للقاصي والداني، وهذا الأمر غير متوافر في الوقت الحاضر ومعلق بانتظار مسار الملف النووي والأزمة السورية على حدٍ سواء كما هو معروف.

إزاء ذلك، يبدو ان الإنجاز المنظور لجلسات الحوار حتى الآن كان التخفيف جزئياً من حالة الاحتقان التي سادت منذ جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري بين السنّة والشيعة وتنفيس حالة التشنج السياسي بين مختلف الأطراف اللبنانيين قياساً عمّا كان من قبل وإدخال البلد في حالة من الاسترخاء النسبي، أرخت بمفاعيلها المريحة على تبريد الخطاب السياسي وتراجع ملحوظ للحملات المتبادلة، بينما ظهر جلياً ان الملفات الخلافية الأساسية لن تثار في الجلسات المذكورة وقد وضعت جانباً في الوقت، مع استمرار كل طرف التمسك بموقفه منها وتحديداً ملف سلاح الحزب ومشاركته بالحرب في سوريا وغيرها.

ولا شك ان ترييح الأجواء الداخلية والإجماع الوطني على محاربة التنظيمات المتطرفة، إن كان على الحدود أو في الداخل اللبناني، ساهم بتقوية الموقف الداخلي وشكل حافزاً للجيش واعطاه دعماً وطنياً كما للقوى الأمنية كلها للقيام بالمهمات المناطة بها لمواجهة هذه التنظيمات ومكافحة تمددها أو تواجدها في أي بقعة كانت وطمأن اللبنانيين على أمنهم واستقرار البلاد.

الا انه وبالرغم من ايجابيات معاودة الحوار على تنفيس الاحتقان وخلق أجواء مريحة داخلياً، فإن محاولة فرض أمر واقع بتأجيج إيجاد صيغة حل للأزمة السياسية القائمة وارغام اللبنانيين على التعايش مع الواقع المفروض عليهم من الخارج لحسابات ومصالح الملف الايراني والازمة السورية وغيرها، لها انعكاسات سلبية خطيرة على لبان كلّه بالرغم من ادعاءات بعض الأطراف السياسيين خلاف ذلك ومحاولتهم التقليل قدر الإمكان من التأثير السلبي للأزمة القائمة وتحديداً عدم انتخاب رئيس للجمهورية في هذه المرحلة بالذات لتفادي مساءلتهم حالياً ومستقبلاً كما يفعل بعض قياديي «التيار الوطني الحر» ونوابه لمسؤوليتهم المباشرة عن تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية ورفض تسهيل حصول هذه الانتخابات ما لم يكن زعيم التيار النائب ميشال عون الوحيد المؤهل للفوز بمنصب الرئاسة الأولى.

فالأزمة السياسية المتواصلة منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان في الخامس والعشرين من شهر أيّار الماضي، عطّلت الكثير من مصالح اللبنانيين بالداخل والخارج على حد سواء وأعاقت مسار لبنان كلّه في مجالات عديدة وأعاقت اتخاذ القرارات الحكومية الأساسية في ما يتعلق بتطوير الدولة وانطلاقة دورة الاقتصاد الوطني وتفاعل لبنان مع الخارج كلّه، وتركت البلد يتخبّط بالكثير من المشاكل والأزمات التي تتطلب وجود سلطة كاملة مع رئيس للجمهورية ليمكن طرح هذه الأزمات والمباشرة بوضع الحلول المطلوبة لها استناداً للدستور والقوانين المرعية الاجراء، في حين ان ابقاء هذه الأزمات معلقة وبدون حلول انما تنعكس ضرراً بالغاً على مصالح اللبنانيين والوطن على حد سواء.

وفي ضوء الواقع القائم لن يفقد اللبنانيون الأمل بإمكانية تحقيق اختراق ما في جدار الأزمة السياسية السميك من خلال الحوار القائم ولو تطلب الأمر بعض الوقت وإن كان هذا الأمل ضئيلاً حتى اليوم، وإلا ليس امامهم الا انتظار مسار التفاهمات الإقليمية والدولية حول الملفات والأزمات المستفحلة، وهذا يعني مزيداً من الاستنزاف والاهتراء في مؤسسات الدولة واداراتها على النحو الجاري حالياً وعلى المستوى الاقتصادي والاجتماعي أيضاً.