IMLebanon

خيارات لبنان وخيارات الزعماء فيه تتحدّد في ضوء نجاح تنفيذ الاتفاق النووي

لماذا الكلام الآن على الفيديرالية وهي مرفوضة اليوم كما كانت مرفوضة بالأمس، ولأنها ليست حلاً بل مشكلة… هل لفتح باب البحث في صيغة جديدة للبنان بعدما فتحت باب البحث في الماضي فكان اتفاق الطائف؟

لقد عقدت في شباط 1977 في “سيدة البير” خلوة لأركان “الجبهة اللبنانية” الرئيس شمعون، الرئيس فرنجيه، الشيخ بيار الجميل، الرئيس العام للرهبنة المارونية الأباتي شربل قسيس، وقرروا اعتماد تعدّدية المجتمع اللبناني بتراثاتها وحضاراتها أساساً في البنيان السياسي للبنان الموحد تعزيزاً للولاء المطلق ومنعاً للتصادم بين اللبنانيين بحيث ترعى كل مجموعة حضارية فيه كل شؤونها. وطرح حزب الوطنيين الأحرار الفيديرالية حلاً بعد سقوط الصيغة الوحدوية القديمة وبروز تيار اتحادي يبحث عن صيغة تلائم لبنان. ومن أهداف المشروع الفيديرالي بحسب رأي الحزب: “انقاذ لبنان بحدوده الطبيعية ووضع حد للمزايدات في الوطنية وتمكين جميع الفئات من أن تحقق ذاتها ضمن البيئة الخاصة ووضع الأمانة الوطنية فوق كل الشبهات، إذ لا يمكن قسماً من لبنان ان يحافظ على ميزاته الخاصة من دون الافتراء على الميزات اللبنانية الأصيلة، فيصبح لبنان مجمع ميزات لا مجموع امتيازات، بل يجب مماشاة منطق التاريخ الذي يفرض علمياً تقديم الاتحادات على الوحدويات، وتثبيت الوحدة اللبنانية على أنها حقيقة جغرافية تاريخية، وان الخطأ في الهيكلية هو خطأ في تجميع أكثر مما هو في طبيعة العناصر المكونة المجتمعية. وانقاذ لبنان من التقسيم الذي هو بمثابة كارثة اقتصادية واجتماعية وسياسية على المدى الطويل، يكون باعلان لبنان وحدة تاريخية لا صيغة وليدة الانتداب الفرنسي”.

وفي مؤتمر لوزان للحوار الوطني (آذار 1984) قدم حزبا الوطنيين الاحرار والكتائب مشروعاً مشتركاً للبنان جمهورية اتحادية لحلّ القضية اللبنانية ووقف التقاتل بين الطوائف واعادة بناء المجتمع ضمن إطار التعددية، مؤكدين فيه ان ليس صحيحاً أن هذا النظام هو تقسيمي أو يمهد للتقسيم، او يعرّض لبنان لمثل ذلك، بل يقرّب أكثر مما يفرق، إضافة الى كونه الدرع الواقية من كل أخطار التجزئة والتفكك والتقسيم، وقد اثبتت التجارب أن على يده قامت الدول القوية القادرة والمتوازنة وكان من أنجح الأنظمة الوحدوية في توفير الاستقرار للدول التي أخذت به، وليس في التاريخ، ما يدل على أن دولة اتحادية انفجرت وانقسمت على نفسها، والأمثلة لا تحصى عن الدول التي انفجرت وتفككت من جراء النظام الوحدوي وقسوته. فمعظم الدول وأغناها تعيش في نظام اتحادي مثل المانيا واوستراليا والنمسا وكندا والولايات المتحدة الاميركية وسويسرا والاتحاد السوفياتي والبرازيل والمكسيك، وان كل دول العالم تتجه الى التقليل من صلاحيات الحكم المركزي في مقابل تعزيز صلاحيات الحكم المحلي في المناطق والولايات، وهو ما جعل اللامركزية الادارية نصاً في اتفاق الطائف، واضافت اليه ورقة “اعلان النيات” بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” كلمة “مالية” أيضاً.

والسؤال المطروح هو: أي نظام للبنان يمكن أن يتفق عليه اللبنانيون، إذ بات البعض يرى في اتفاق الطائف انه لم يعد ملائماً، ويطرح الفيديرالية المرفوضة من بعض آخر؟ هل يصير اتفاق على تطبيق اللامركزية الادارية الواسعة عملاً باتفاق الطائف وتنفيذ ما تبقى من هذا الاتفاق إظهاراً لايجابياته قبل البحث في أي اتفاق بديل، أم يكون الاتفاق على تحييد لبنان اطاراً لكل نظام، ويسهل بالتالي إلغاء الطائفية ويفتح الباب لاصحاب الكفايات كي يتولوا أعلى المناصب الى أي مذهب انتموا؟

لقد كرر النائب سليمان فرنجيه موقف جده من الفيديرالية، فهل يبلغ به موقفه حد الانسحاب من تحالفه مع العماد ميشال عون إذا أصر على المضي بها كما انسحب جده من “الجبهة اللبنانية”، أم ان ظروف الماضي مختلفة عن ظروف الحاضر، وتحالفه مع العماد عون هو تحالف استراتيجي في خط سياسي واحد، ولا خروج منه إلا اذا خرج العماد عون من هذا الخط وأصبح أقرب الى الخط السياسي الآخر الذي يؤيده الدكتور سمير جعجع، فيصبح عندئذ لورقة “اعلان النيات” أهميتها في جمع قطبين مارونيين ليس على مشاريع بل على خط سياسي واحد؟

ويرى بعض المراقبين ان خيارات لبنان وخيارات الزعماء فيه قد تتحدد عند مباشرة تنفيذ الاتفاق النووي لمعرفة ما اذا كان يسير بالمنطقة نحو السلام الشامل والوقوف صفاً واحداً في مكافحة الارهاب، أم إن الخلاف على تنفيذه يعرّض المنطقة لخطر التقسيم اذا تعذر التقاسم؟