Site icon IMLebanon

لبنان خارج حسابات ردّ إيران على إسرائيل

 

خلال نهاية الأسبوع الماضي، كان لافتاً لمتابعين تقنين «حزب الله» جزءاً من الأنشطة الانتخابية، خصوصاً تلك التي كانت ستشهد تجمّعات شعبية في بعض مناطق وتُعتبر ذات حساسية أمنية. وتمّ تبرير ذلك وفق مصادر مشرفة على هذه الأنشطة باحتمال أن تكون لدى الحزب معلومات مفادها أنّ المنطقة دخلت مرحلة العدّ التنازلي في اتّجاه بلوغ ساعة الصفر لتنفيذ إيران ضربة عسكرية ضد إسرائيل رداً على إستهداف الأخيرة موقعاً إيرانياً في قاعدة «تي. فور» في سوريا الشهر الماضي.

ومن خلال متابعة معلومات على صلة بما يسمّيه مراقبون ملف الاحتمالية المرتفعة لتنفيذ إيران ردَّها الانتقامي ضد إسرائيل، تبرز المعطيات الأساسية الآتية:

وبالثقة نفسها لم يعد يوجد شكّ ايضاً في أنّ طهران صاغت المحدّدات الاستراتيجية التي ستوجّه ردها العسكري، او التي ستحدد، بتعبير أدق، الطبيعة السياسية والعسكرية لهذا الرد:

من الناحية السياسية، ووفق المحدّدات الإيرانية، فإنّ هذا الردّ سيراعي ثلاثة مبادئ:

ثمّة تقارير وصلت خلال الأيام الأخيرة الى مراجع سياسية لبنانية ركّزت على أنّ الرد الإيراني على غارة اسرائيل على «تي فور»، ستشبه الى حدّ كبير العملية المحسوبة في مسرحها ونتائجها التي ردّ بها «حزب الله» في مزراع شبعا على الغارة الاسرائيلية التي استهدفت موكباً مشترَكاً للحرس الثوري الإيراني و»حزب الله» في منطقة القنيطرة عند تخوم منطقة الجولان المحتل بدايات عام 2015، وفقد فيها الحرس والحزب عدداً من كوادرهما، من بينهم جهاد مغنية نجل القيادي العسكري في «حزب الله» عماد مغنية.

فإيران ستردّ بضربةٍ محسوبة عسكرياً وسياسياً وستنتقي مسرحاً لانطلاقتها وهدفاً لها، يناسب حجمَ نتائج الضربة الإسرائيلية في «تي فور»، ويناسب في الوقت نفسه تعزيزَ مبدأ إبقاء النزاع مع إسرائيل ضمن قواعد لعبة عدم الصدام العسكري على الساحة السورية، وتحديداً عدم انزلاق هذا النزاع ليطاول الساحة اللبنانية.

وتكمن خطورتها ايضاً من ناحية ثانية، في أنّ هذه الغارة الإسرائيلية أدّت الى نسف تفاهم دولي مضمر ومعمول به على الساحة السورية منذ اندلاع أزمتها عام 2011، ويتمثل مضمونُه بامتناع الأطراف الأقليمية والدولية المشاركة في الحرب السورية بإستهداف بعضها البعض عسكرياً.

وتتوقف مصادر قريبة من بيئة القرار في طهران عند التوقيت الذي ستختاره إيران لتنفيذ وعدها بالردّ على الغارة الإسرائيلية، وهي في هذا المجال ما تسمّيه بالاحتمال الأكثر ترجيحاً وهو أن تردّ في توقيت سريع وقبل موعد بدء الرئيس الاميركي دونالد ترامب بمراجعة الاتفاق النووي الايراني الشهر المقبل، خصوصاً بعدما تأكّدت طهران انّ المعروض عليها أوروبياً لتدخل الاخيرة على خطّ ثني ترامب عن إلغاء الاتفاق، هو تنازلات على مستوى ترسانتها الصاروخية البالستية، وهو امر لن توافق عليه القيادة الإيرانية، وستقابله بتأكيد معادلتُها كقوة ردع صاروخية في المنطقة.

وعليه فإنّ تسريع الردّ الايراني على الغارة الاسرائيلية على «تي. فور» سيوصل رسالة الى إدارة ترامب واوروبا في هذه المرحلة الفاصلة عن موعد بتّ مصير الاتّفاق النووي في واشنطن، بأنّ ايران ستتعامل من موقع القوي مع جملة الضغوط الموجّهة اليها والتي ستتعاظم في المرحلة القريبة المقبلة، سواءٌ على مستوى إلغاء الاتّفاق النووي، أو إرغامها على تقديم تنازلات في مجال ترسانة صواريخها البالستية أو وجودها العسكري في الجنوب السوري.

وتنقل هذه المصادر عينها عن مصادر إيرانية قولها إنّ طهران تقرأ الغارة الإسرائيلية ضدها بصفتها تزامنت توقيتاً مع ابلاغ باريس الى طهران أنّ المساعي الفرنسية لإقناع ترامب بعدم إلغاء الاتّفاق النووي الإيراني الأممي لم تنجح حتى الساعة، وايضاً جاءت في توقيت ممهِّد للغارة الغربية على سوريا التي كان مقرّراً أن تكون واسعة، بحسب معلومات طهران، لولا تدخّل البنتاغون الذي جعلها محدودة وضمن مواصفات أن لا تترك في أثرها خسائر بشرية.

وهذا ما يفسّر – مرة اخرى بحسب معلومات طهران – لماذا سرّبت واشنطن مسبَقاً عبر طرف ثالث الى موسكو المعلومات عن الأمكنة التي ستستهدفها الضربة الغربية لسوريا.

ومجمل هذه المعطيات التي تسردها مصادر إيرانية بصفتها خلفيات لمشهد الغارة الاسرائيلية، تجعل التوقّع المحتمَل، هو توجيه ردّ عسكري ايراني في توقيت قريب، على أن يكون محدوداً، ويتناسب مع حرب الرسائل السياسية التي لا تؤدّي الى انزلاق نحو حرب إقليمية، خصوصاً وأنّ طهران لا ترى في الغارة الاسرائيلية التي استهدفتها في موقع «تي. فور» بمثابة «بداية مسار عسكري اسرائيلي ضدّ ما تسمّيه تل ابيب توطيد وجود إيران العسكري في سوريا»، بل «رسالة سياسية متقدّمة» في تطوير حالة المواجهة بين الطرفين في الميدان السوري.