IMLebanon

أحزاب لبنان مثقلة بماضيها وبحاضرها

صرخة أطلقها أمس النائب روبير فاضل، وحتى لا تكون صرخة في واد وجبت متابعتها. والمتابعة تعني دعماً وحضاً لنواب آخرين للانضمام الى حراك لم تتحدد معالمه بعد، اذ لا يجوز ان يصير البلد كله، بنوابه واحزابه ونقاباته وناسه، كالنعاج تمضي نحو المجهول من دون ان تقوى على السؤال “الى اين؟”. مضى عام كامل على الشغور الرئاسي و”البلد ماشي” كأن لا شيء ينقصه رغم التعطيل في مجلس الوزراء، وهو تعطيل اعتدناه حتى في ظل وجود رئيس للبلاد، خصوصا في زمن الوصاية يوم كان وزراء أقوى من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة معاً، اذ كانت رسائل الارادة السورية “السامية” تعبر عبرهم لتحاصر الحكومة والرئاسة.

واذا كان “السكوت اصبح تواطؤاً في هذا الوضع”، فان الصراحة، وفق فاضل، “تقتضينا القول إن الاطراف السياسية ما عادت قادرة على إنتاج حلول، وكل فريق خطف جزءاً من الدولة ويتصرف به وكأنه ملكه، وقد تعبت الاحزاب بخلافاتها ونسيت ان السياسة لخدمة الناس لا لخدمة السياسيين. إن هذه الممارسات السياسية لم تعد تليق بالشعب اللبناني المتعلم، المنفتح والمحب والطيّب، لأنها أفسدت عقول الناس بالتخويف والنعرات وحجة الدفاع عن الطوائف”.

واذ رأى ان لا حل للمأزق “إلا بطريقتين: إما أن ننتظر المجتمع الدولي، والصفقات الاقليمية تأتي على حسابنا، وهذا موت بطيء، أو أن نحاول لبننة الاستحقاق من خلال حراك داخلي شعبي لبناني، بعيد كل البعد من أي محور”، دعا النقابات والهيئات الاقتصادية والمجتمع المدني والصحافة والاعلام، اي القوى الحية التي هي خشبة خلاص، والمواطن، لئلا يكونوا متفرجين، فيبادروا الى تأسيس قوة ضغط داخلية لبنانية بحتة، هدفها تأمين انتخاب رئيس.

هكذا خرج نائب عن صمت مزمن ليعبّر عن كثيرين بقوله إن “احزاب لبنان لم تعد قادرة على إنتاج حلول”، اذ ان ماضيها المثقل بالخطايا والارتكابات، واحيانا الجرائم، لا يدفع بها وبنا الى مستقبل مشرق، فأحزابنا ليست إلا تجمعات طائفية مذهبية عشائرية تخدم مصالح دول اقليمية، او في الحد الادنى تؤمن التوارث السياسي لأبناء مؤسسيها واحفادهم او التمديد والتجديد لرؤسائها الذين يستبدون بها “ديموقراطياً” مدى الحياة.

أما النقابات الفاعلة تاريخياً، فحدث ولا حرج، بعدما تم ترويضها باجتياحها من ازلام الطوائف والاجهزة الامنية، واستيلاد نقابات جديدة تواجهها وتحول مسارها، لتتحول اداة فاشلة بمعظمها، يديرها “زعماء” يحكمون البلاد ويحركون نقاباتها وتجمعاتها. وكانت رابطة اساتذة الثانوي المثل الاخير على ذلك.

ماذا بعد؟ على اللبنانيين، ونحن منهم، التقاط دعوة النائب فاضل، وهي ليست الاولى، وربما لن تكون الأخيرة، بل هي مناسبة في توقيتها ومضمونها لإقامة جبهة رفض جديدة، او تفعيل ما هو قائم، وتشكيل قوة ضغط حقيقية تشارك فيها المؤسسات الدينية لتغيير بعض الواقع، والبدء بانتخاب رئيس للبلاد يعيدنا الى خريطة الدول.