IMLebanon

لبنان يستعدّ لاجتماعات نيويورك: مواجهة توطين النازحين

يستشعر لبنان الرسمي وجود مشروع دولي حقيقي لتوطين النازحين السوريين في لبنان، بحجة أن النزاع المسلح في سوريا بلا أفق، ما يعني أن عودة السوريين إلى بلدهم بلا أفق زمني أيضا، وما أثار المخاوف أكثر صدور بيان رسمي من الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون بهذا الصدد، يدعو فيه بشكل مباشر لتوطين النازحين حيث هم، ومن ثم بدء العمل رسميا في دوائر الأمم المتحدة لتنفيذ هذا المشروع في الدورة العادية للأمم المتحدة في أيلول المقبل.

وذكرت مصادر ديبلوماسية لبنانية متابعة للملف في نيويورك، ان الامم المتحدة وضعت ملف النازحين تحت بند «دراسة دولية مبنية على قانون اللجوء الدولي»، تشجع الدول على احتضان اللاجئين وتوفير كل وسائل «اندماج اللاجئ بالمجتمع» من حقوق إقامة وطبابة وتعليم وفرص عمل وسوى ذلك من حقوق، وهو ما يعتبره لبنان نوعا من التوطين الدائم وان كان لا يستوجب التجنيس، وقد أصر على هذا الأمر بان كي مون باعتباره جزءا من منظومة الأمم المتحدة ضمن معاهدة جنيف للاجئين التي صدرت في العام 1951، لكن لبنان لم ينضم إلى هذه المعاهدة بسبب قضية اللجوء الفلسطيني لديه في العام 1948، ورفضه توطين الفلسطينيين وقتها حفاظا على القضية الفلسطينية ولتوفير العودة لهم إلى ديارهم، والأمر ذاته ينطبق الآن على اللاجئ السوري.

وأوضحت المصادر ان لبنان أصبح الآن متشددا أكثر في هذا الموضوع، التزاما بالدستور الذي يمنع التوطين، من جهة، وللحفاظ على حق عودة السوريين الى ارضهم من جهة ثانية.

وأشارت المصادر الى انه يجري التحضير على هامش اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة لعقد مؤتمرين دوليين، للبحث في معالجة أوضاع اللاجئين والمهاجرين وحركة الانتقال والعمل بين دول العالم وليس في الشرق الاوسط فقط، الاول، يعقد في 19 ايلول على أعلى المستويات (رئيس دولة او رئيس حكومة) برعاية وحضور الامين العام بان كي مون والزعماء المشاركين في الجمعية العامة، والثاني، مؤتمر مصغر في العشرين من ايلول، بدعوة من الرئيس الاميركي باراك اوباما للبحث في مصادر التمويل لمعالجة مشكلة الهجرة واللجوء.

وقد باشر لبنان عبر بعثته في نيويورك التحضير لمواجهة احتمال ان يتحول احد المؤتمرين الى مصدر لطلب اندماج النازحين عبر اجراءات، منها ما يتعلق باعطاء الاقامات الدائمة او طويلة الامد والتجنيس والتوطين ومنح اللاجئ كل الحقوق المتعلقة بالعمل والطبابة والتعليم، والتي توجد عليها قيود قانونية ودستورية في لبنان.

واجرى المندوب اللبناني في الأمم المتحدة الدكتور نواف سلام اتصالات ومراسلات ردا على ما ورد من مراسلات سابقة من مساعدي بان كي مون لدمج النازحين بالمجتمع اللبناني، وتلقى توضيحات بان الدعوة ليست ملزمة للدول، بل إن الأمر متروك لكل دولة حسب اوضاعها وظروفها.

واشارت المصادر الى ان لبنان مستعد لتقديم المساعدات للنازحين لكنه يشترط تقديم الدعم المالي له، وانشاء المشاريع الانتاجية لتوفير فرص العمل للبنانيين كما النازحين. وقالت المصادر ان الدول المانحة قدمت للبنان حتى الآن مبالغ محدودة مقابل خسارة للاقتصاد والخزينة اللبنانية تفوق 15 مليار دولار، فيصبح لبنان بهذا المعنى هو الدولة المانحة الاكبر.

ويحضّر لبنان للمواجهة بتوثيق كل المعطيات والمعلومات والمخاطر لتكون بتصرف الامم المتحدة، ومنها ما يتعلق باعطاء الاقامات الدائمة او طويلة الامد والتجنيس والتوطين ومنح اللاجئ كل الحقوق المتعلقة بالعمل والطبابة والتعليم، والتي توجد عليها قيود قانونية ودستورية، ويشكو لبنان من ضعف تقديماتها للمواطن اللبناني، وهذه المعطيات تعرض تباعا على الهيئات التنفيذية في الامم المتحدة.

كذلك تولت الحكومة وعبر رئيسها تمام سلام ووزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، مواجهة ما بات يُطرح مؤخرا اللذين وضعا نمطا جديدا من التعامل مع الملف، يقوم على امرين: اولا ابلاغ المعنيين الدوليين برفض لبنان أي توطين او تجنيس او اقامة دائمة للنازحين تحت أي عنوان او ظرف حتى لو كان انسانيا، ووضع معايير لتصنيف النازح من غير النازح، وثانيا، مبادرة تمام سلام في القمة العربية الى طرح اقتراح تشكيل صندوق عربي مشترك يتولى الإنفاق على مساعدة النازحين لكن ضمن مناطق يتفق عليها داخل سوريا وحيث يمكن للنازحين العودة اليها، وبالتنسيق مع الامم المتحدة مع ضمانات الا تتعرض هذه المناطق لأعمال عسكرية من قبل أي طرف، على ان تتولى الامم المتحدة التنسيق مع السلطات السورية، التي يرفض لبنان التنسيق معها بهذا الامر على اهميته، والتي من دون موافقتها ومقترحاتها لن يبصر أي حل النور.

واكدت مصادر وزارية ان لبنان قد يشكل لجنة وزارية – تقنية تتولى الاتصال بالدول العربية لتسويق الاقتراح عربيا، ومن ثم توفير الغطاء العربي له لتسويقه وتبنيه امام المحافل الدولية. وقد استبق لبنان هذا التحرك باتصالات اجراها مع المفوضية الاوروبية والمفوضية الدولية لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة.

واشارت المصادر الى ان لبنان والاردن سيعرضان ورقة عمل مشتركة بهذا الخصوص امام مؤتمر وزراء الشؤون الاجتماعية الذي سيعقد في عمان في شهر ايلول المقبل، ليصار الى تبنيها وطرحها امام المحافل الدولية.