لطالما ابتُليت صحافة لبنان بالدخلاء عليها، وبمدّعي الانتماء الى أطرها وطبائعها ومناخاتها.. لكنها أيضاً، لطالما كانت على رحابة كافية لأخذ هؤلاء تحت ظلال أوراقها، حتى لو كان السمّ عدّتهم الوحيدة وصنو الحبر المدّعى.
وصحافة لبنان كانت مثل لبنان، وتركيبته وتعدّديته وفرادته وانفتاحه وكثرة تفلّته. وكانت فوق ذلك على غواية آسرة، شدّت العيون إليها وأعطتها ريادة في محيط ملجوم لكنّه متعطّش للضوء في كل حال.
وجاءها من كل حدب خُطّاب وعُرسان! بعضهم لردّ الأذى والضيم والتحامل والافتراء! وبعضهم لتغيير العالم وغيرهم لتحريره! وبعضهم لإشاعة رؤاه ونظرّياته! وبعضهم لشن حروب وخوض معارك وتصفية حسابات وتدبير انقلابات من على صفحاتها.. وكانت التركيبة المحلية، دستورياً وقانونياً متآخية مع طبائع الانفتاح المتراكمة فوق حقيقة كون اللبنانيين متعدّدي المذاهب والأديان والانتماءات والفظاعات.. ومعتادون في الإجمال على معطى الفوضى، ومتواطئون في الوقت نفسه على وصف هذا بالحرية!
ولا ينكر سوى قُصَّر، أنّ صحافة لبنان واكبت جموح اللبنانيين. ومثلهم تماماً، نجحت في دولة شبه فاشلة. وتطوّرت في ظل نظام