التحالف ضدّ الإرهاب: تنحّي الأسد مقابل القضاء على “داعش”
لبنان أولويّة دولية وإقليمية.. والرئاسة قد تُحسم فجأة!
ترك التحالف ضدّ الإرهاب مسألة ضرب «داعش» في سوريا في دائرة التفاوض الأميركي مع روسيا وإيران، وسيكون الملف السوري حاضراً في اجتماعات الجمعية العامّة للأمم المتّحدة هذا الشهر في نيويورك، بحسب أوساط ديبلوماسية غربية عاملة في لبنان.
كان لافتا إستثناء التحالف الدولي ضدّ تنظيم «الدولة الإسلامية» سوريا من بيانيه الختاميين في جدّة وفي باريس. فقد كرّس البيانان اعتبار العراق ساحة المواجهة الوحيدة ضدّ «داعش»، متجاهلين الساحة السورية التي تردّد بأنها ستكون على طاولة اجتماع نيويورك يوم الجمعة المقبل للبحث في آليات العمل العسكري وفي الإطار القانوني المطلوب لتوسيع العمليات نحو سوريا، يترافق ذلك مع قلق روسي عبّر عنه وزير الخارجية سيرغي لافروف في باريس حين قال: «لا يمكننا إلا أن نشعر بالقلق من فكرة شنّ ضربات على مواقع تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا من دون أي تفاعل مع الحكومة السورية».
ويبقى السؤال لماذا تكيل الولايات المتحدة الأميركية بمكيالين مختلفين في العراق وفي سوريا؟ ولماذا استبعاد سوريا من التحالف ضدّ الإرهاب؟
تقول الأوساط الديبلوماسية الغربية العاملة في لبنان إنّ «قضيّة سوريا معقدّة جدّاً، فهي ميدان صراع إقليمي ودولي ذو طبيعة جيو ـ سياسية أخطر من الحرب المذهبية الدائرة منذ 4 أعوام».
وتضيف: «تريد الدول الغربية وحلفاؤها من الدول الإقليميّة توجيه صفعة الى إيران تشبه تلك التي تلقتها في العراق إثر تخليها عن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بعد وصول داعش الى الموصل، ونجاح هذه المعادلة في سوريا سيقلب التحالفات في المنطقة برمّتها».
وتلفت إلى أنّ «التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية لن يقبل باجتثاث داعش من سوريا، ولن يقبل بإيران شريكاً له في الحرب ضدّ الإرهاب إلا بعد حصوله على ضمانات سياسيّة بأنّ الرئيس السوري بشار الأسد سيرحل عن السّلطة بتعهّد روسي ـ إيراني مشترك، حتى لو بقي في السلطة شكلياً، لأن هذه الدول تريد أيضاً الحفاظ على بنية المؤسسات السورية».
وثمة قناعة راسخة لدى الغرب بأنّ الرئيس السوري بشار الأسد غير مقتنع بالقضاء على «داعش» و«جبهة النصرة» لأنه «بمفهومه، سيقضي على سبب وجوده كقائد لمكافحة الإرهاب كما يسعى لتقديم نفسه».
وعن سبب عدم إرسال جنود الى ميدان القتال العراقي أو السوري، تشير الأوساط الديبلوماسية الغربية إلى أن ذلك يرتبط باقتناع الدول الغربية «أنّ خطر انتقال الحرب السورية لم يبلغ حدّاً يدفع الدول المعنية الى مغادرة قواعدها».
أما سبب عدم تعاون أميركا مع إيران كما في العراق فيعود الى أن «الخطر في سوريا ليس كبيراً الى درجة يرغم فيها أميركا على التعاون مع إيران، لأن الصراع السوري ببساطة لا يطال الأمن القومي الأميركي، ما يصعّب مدّ اليد الى إيران. فالتحالف في سوريا دقيق وهو يعكس دقّة التوازنات القائمة، ولعلّ الوضع الإسرائيلي هو خير مثال على ذلك، فبعد سيطرة جبهة النّصرة على مناطق في جنوب سوريا والخطر الجاثم في سيناء، وهما بنظر الإسرائيليين خطران أكبر من حزب الله الذي يمكن الاتفاق معه على قواعد اشتباك، فإن إسرائيل تعيش في بلبلة حقيقية بين فرحها لاستنزاف إيران وحزب الله في سوريا وبين اقتراب المتطرفين من حدودها».
مقياس حركة دي ميستورا
هذا التحالف الدولي ضدّ الإرهاب الذي بدأ في جدّة وتوسّع في باريس، يحظى بشرعيّة دوليّة للتدخّل في العراق، لكن يبقى مشرذماً في ما يخص سوريا.
وتلفت أوساط ديبلوماسية عربية من جهتها الى أنه «ليس صدفة أن تنطلق مهمّة المبعوث الأممي في الملف السوري ستيفان دي ميستورا بعد مؤتمر جدّة وقبيل اجتماع باريس حيث زار سوريا ولبنان، ما يعني أن محاربة الإرهاب تسير بالتوازي مع العملية السياسية، وإلا لماذا بدأ دي ميستورا مهمته في هذا التوقيت بالذات بعدما علّقت لأشهر عدّة؟».
أما بالنسبة الى لبنان فهو مرتبط بالتوازنات في العراق منذ عام 1980 ولغاية اليوم، وذلك بسبب دخول إيران الى المنطقة والذي توّج عام 2003 بسقوط العراق وانتهى عام 2014 بسقوط الموصل.
ويبدو أن إيران، بحسب الأوساط العربية المذكورة، بدأت تقتنع بضرورة شراكة السنّة، وهذا الأمر سينسحب على سوريا ولبنان.
وتختم تلك الأوساط العربية: «سوريا قضية معقّدة جداً لأنها ساحة نزاع متداخلة، لذا فإن الأولوية هي للعراق ولبنان الذي سينعم مرّة ثانية باتفاق إيراني – سعودي حوله، وهو ما سيبرز أولا في الملف الرئاسي الذي سيبتّ فجأة ومن دون مقدّمات».