Site icon IMLebanon

لبنان يعاقب «الطائرة».. لا المالك ولا المستأجر!

أجنحة لبنان» تستعد لمقاضاة «تيالوندز»

لبنان يعاقب «الطائرة».. لا المالك ولا المستأجر!

لا يزال الغموض يلف حادثة هبوط طائرة تابعة للشركة اللبنانية «أجنحة لبنان»، مستأجرة من شركة «تيالوندز ايرلاينز» التركية، في مطار بن غوريون «الإسرائيلي».

تفاعلت القضية إلى درجة تدخل كل الهيئات اللبنانية الرسمية المعنية بالنقل والطيران. بيانات وتوضيحات لم تضع حدا للأخذ والرد. اجتماع يعقده وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر مع إدارة الطيران المدني، يخلص إلى تبني رواية الشركة اللبنانية للحادثة بأن «الطائرة أرسلت إلى تركيا للصيانة، ثم قامت الشركة (بعد اكتمال أعمال الصيانة) باستغلال الطائرة في رحلة إلى مطار بن غوريون من دون إزالة شعار الشركة اللبنانية عنها»!

بالاستناد إلى هذه الوقائع، أرسل زعيتر كتابا إلى وزارة الخارجية اللبنانية لتقديم اعتراض لدى السلطات التركية «بسبب وضع اسم لبنان على طائرة تركية تحمل رقم التسجيل TCTLH هبطت في أحد مطارات فلسطين المحتلة»، وأعلن «أنه لن يسمح لهذه الطائرة بالهبوط في مطار رفيق الحريري الدولي تحت أي اعتبار».

وقد دخل هذا القرار حيز التنفيذ بإعلان رئيس مطار رفيق الحريري الدولي المهندس فادي الحسن أن المديرية العامة للطيران المدني «قد أدخلت بالتنسيق مع الشركة اللبنانية الإجراءات اللازمة لوقف استقبال الطائرة المذكورة».

في الوقت نفسه، يؤكد محامي الشركة محمد الحاج أن شركة «أجنحة لبنان» قامت باستئجار الطائرة من شركة «تيالوندز»، وكان الاتفاق على طائرة محددة، وبموجب العقد فإن طاقم الطائرة تابع للشركة المؤجرة وليست المستأجرة، الذي يختصر حقها بالاستغلال التجاري للطائرة. وبعد إعادته للرواية أعلاه والإشارة إلى أن الطائرة أرسلت للصيانة (5 أيام) واستغلت خلال هذه الفترة برحلة إلى مطار بن غوريون، يؤكد لـ «السفير» أنه «لا يحق للشركة تشغيل الطائرة لحسابها الخاص، ولو كان يحق لها ذلك فليس من حقها استخدام شعار الشركة اللبنانية».

وإذ يشدد الحاج على أن شركة «أجنحة لبنان» تتجه إلى تقديم شكوى ضد الشركة التركية أمام النيابة العامة التمييزية، يكشف أن «تيالوندز» أبلغت الشركة اللبنانية، أنه كان لديها رحلة إلى مطار «بن غوريون» ولم يكن لديها طائرات كافية فاضطرت إلى استخدام الطائرة المؤجرة للشركة اللبنانية من دون الانتباه للاسم والشعار. لأن الموظفين يعتمدون على رقم تسجيل الطائرة لا التفاصيل الأخرى.

الرواية نفسها يكررها مدير عام الطيران المدني المهندس محمد شهاب الدين، الذي يلفت الانتباه في اتصال مع «السفير» إلى أن الأمر «غلطة غبية» ارتكبتها الشركة التركية «فعند إرسال الطائرة الأصيلة إلى الصيانة، أصبحت الطائرة حرة وبالتالي لا سلطة للشركة اللبنانية عليها. وهكذا استخدمتها الشركة التركية في رحلة إلى «إسرائيل».

وسواء أكانت «الغلطة» غبية أم ذكية، إلا ان الشركة اللبنانية خارج المساءلة والشركة التركية التي تملكها خارج أي عقاب. إذ أنه وبحسب شهاب الدين «فإن أقصى عقوبة يمكن اتخاذها هي ضد الطائرة»، أما الشركة المالكة، فلن تعاقب على اعتبار «أن هناك مصالح للشركة اللبنانية قد تتأثر إذا ما اتخذ أي إجراء بحق الشركة التركية»، مشددا على أن معاقبة الطائرة «ستكون بمثابة إنذار إلى كل شركة تذهب إلى إسرائيل».

أسئلة كثيرة تثار حول التخبط والإرباك الذي عاشته «أجنحة لبنان» منذ ورود الخبر. فقد أوضحت الشركة أن الطائرة أرسلت للصيانة لمدة خمسة أيام، وأن الشركة التركية قامت بتشغيلها خلال فترة الصيانة.

لكن بالعودة إلى بيان الحسن فقد أرسلت الطائرة في 27 آب إلى تركيا ونفذت الرحلة يوم الأربعاء (31 آب) وهذا يعني أنه تم الانتهاء من أعمال الصيانة، فلماذا لم تعد الطائرة إلى الشركة اللبنانية ولماذا لم يتم استرداد الطائرة البديلة التي لا تحمل لا شعار الشركة اللبنانية ولا اسم لبنان، بل أرسلت الطائرة التي تحمل اسم لبنان إلى مطار بن غوريون بحجة حاجة الشركة التركية لطائرة إضافية. وهل يعقل أن شركة تؤجر طائرات ولا تملك العدد الكافي منها؟ وإذا كانت كذلك فعلا ألم تجد سوى الطائرة اللبنانية لإرسالها إلى مطار بن غوريون؟!

كذلك كيف يصرف الكلام حول عدم انتباه موظفي الشركة التركية لشعار الشركة واسم لبنان الموجودين على الطائرة؟ علما أنه يتم دفع مبلغ ما يقارب 15 ألف دولار لوضع شعار واضح يمكن أن يرى من مسافة بعيدة؟ وفي حال اعتماد الموظفين على رقم تسجيل الطائرة فقط، أليس من المفترض أن يثبت هذا الرقم أين تم تسجيل الطائرة وفي هذه الحالة لبنان؟

فهل بلغ الأمر حد أن موظفي الشركة التركية مصابون بالعمى أم بالجهل بالتكنولوجيا؟ اما الأمر الآخر، وبحسب المعلومات المتوافرة حول آلية تشغيل الشركة التركية لمصلحة الشركة اللبنانية، فإن السؤال لحساب ومصلحة من، ستكون الرحلة من أنطاليا إلى بن غوريون؟

أما الكلام حول أن الشركة التركية استخدمت نداء ورقم رحلة خاصين بها غير اللذين تستخدمهما الشركة اللبنانية فهو كلام لم يثبت بالدليل حتى الآن، خصوصا أنه بحسب العقد المبرم بين الشركتين فإن الشركة التركية هي المشغّل للطائرة لمصلحة الشركة اللبنانية!

إذا كان لبنان الرسمي قد أرجع الأمر إلى «غلطة» ارتكبتها الشركة التركية، إلا أن ذلك لا يعفي أحدا من المسؤولية، خصوصا أن الطائرة لم تهبط في مكان يحظر لبنان السفر إليه فقط، بل كيان عدو. فهذه غلطة بمليون وليس بألف لأن أحدا لا يمكنه أن يضمن عدم تكرارها؟

وفيما يربط أستاذ القانون الدولي الدكتور حسن جوني كل تفاصيل القضية بالعقد الموقع بين الشركتين، لأنه يحدد ما يمكن للبنان أن يطالب به من تعويضات وسواها، ولأنه يلحظ تفاصيل الصيانة وطريقتها وعما إذا كانت محصورة بتركيا أو بطرف آخر. يبقى أن الشركة لم تتجاوب مع طلب «السفير» حول ارسال نسخة عن العقد!