IMLebanon

لبنان رفع الصوت في بروكسيل..فهل تتحسّن «الصورة»؟

أهم ما حصل في مؤتمر بروكسيل الدولي حول اللاجئين السوريين، والذي مثّل لبنان فيه رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري على رأس وفد وزاري، أن لبنان قال ما يريده من المجتمع الدولي، وكيفية مساعدته في حلّ الأزمة وفي تحمّل اعباء اللجوء السوري على أرضه وحاجاته في ذلك.

وأهم ما حصل هو التفهم الدولي للوضع اللبناني، لا سيما وأن الإتحاد الأوروبي لديه إستعداداً كاملاً للمساعدة، وهو أكبر مساهم في مساعدة لبنان في مسألة اللاجئين السوريين مقارنة بجهات أخرى. وهو قدّم في مؤتمر لندن الذي يكمله مؤتمر بروكسيل ٤٠٠ مليون يورو كل سنتين حسب برنامج محدد.

وتفيد مصادر ديبلوماسية، أن مؤتمر بروكسيل لم يكن في الأساس مؤتمر تعهدات مالية مثل مؤتمر لندن، الذي إنبثق بدوره من مؤتمر الكويت. لكن في الوقت نفسه لم يكن ممنوعاً أن تتعهد أية دولة باعتمادات لمساعدة الدول التي تُؤوي لاجئين سوريين في محيط سوريا، ولا سيما لبنان والأردن. أما تركيا فلديها إتفاق مع الإتحاد الأوروبي في هذا الشأن.

الأوروبيون، ولا سيما الممثلة العليا للسياسة الخارجية والامن الإستراتيجي فيديريكا موغيريني سعت لإعطاء المؤتمر طابعاً وبعداً سياسيين وليس فقط أن يبقى محصوراً بمعالجة مشكلة اللجوء والتي اهتزت أسس كبيرة في أوروبا من جرائها.

قبل المؤتمر، وفقاً لمصادر ديبلوماسية، حاولت موغيريني أن تلعب دوراً سياسياً في الأزمة السورية. فقامت بزيارات لدول مؤثرة في الوضع السوري، وبإتصالات واسعة، وإستمعت إلى آراء مسؤولي الدول في حل الأزمة السورية، وعلى الرغم من أن اجوبة الدول بقيت سرية، لكن عُلم أنها كانت متناقضة دائماً وركزت على أمر أساسي هو أن الحل يعود للشعب السوري، وهو الوحيد المؤثر، وإن ليس للدول دخل في الأزمة. هناك دول لم تُعطِ جواباً عملياً. انما انقسمت الدول في النهاية بين من يدعم بقاء النظام مع إدخال تعديلات بسيطة على الحكم، ودول تدعم التغيير أي تغيير الحكم والدستور وإنهاء حكم النظام القائم وقيام سوريا جديدة، مبنية على الديمقراطية وإحترام حقوق الإنسان.

لم تتمكن موغيريني بالتالي، من الوصول إلى مبادرة فعلية حول الحل في سوريا، تضفي وجودها على مؤتمر بروكسيل. وتفيد المصادر، أن عوامل عدة تقع وراء ذلك، أولها، أن الإتحاد الأوروبي ليس الأمم المتحدة، وليس مثل الدول التي لديها دور على الأرض في الأزمة السورية.

لديه فقط في الشأن الإنساني ومساعدة اللاجئين وليس في الشأن السياسي، ثم أن في الإتحاد ٢٨ دولة، والدول الكبرى مثل فرنسا والمانيا وبريطانيا، لديها سياساتها الخارجية لكنها لم تستطع أن تتوحد حول قيام سياسة خارجية واحدة للإتحاد، نظراً للتناقضات فضلاً عن خروج بريطانيا منه. وسياستها لن تتنازل عنها من أجل الإتحاد. وبالتالي، لم تستطع الدول الأوروبية أن تنطلق

بسياسة خارجية موحدة تجسد موقع الإتحاد في العالم. هذا فضلاً عن أزمة اليونان، ومشكلة تدفق اللاجئين، وردات الفعل عليها وصعود اليمين المتطرف.

أهم انجازين للإتحاد كانا في العملة الموحدة، و«الشنغن». لكن فتح الحدود بات مهدداً بفعل قضية اللاجئين، والوضع الإقتصادي متأرجح، ودونه صعوبات.

والسبب الآخر، أيضاً أن هناك مفاوضات دائرة في جنيف، توازياً مع مفاوضات آستانة، ورعاية الأمم المتحدة للامر، فضلاً عن أدوار كل من روسيا وإيران وتركيا. ولم يستطع الإتحاد التأثير في البعد السياسي والحل لهذه الأزمة.

وقبل هجوم حلب حاولت موغيريني إدخال قوافل إنسانية إلى المنطقة، وإخراج جرحى بالتعاون مع الأمم المتحدة، لم تفلح لأن النظام لم يسمح بذلك.

لم يستطع الإتحاد أن يُحدث خرقاً في تسهيل حل الأزمة السورية، لأنه ليس في مصاف الدول التي لديها مؤثرات مباشرة على الأرض، ولا تأثير له على أطراف في المعارضة السورية، وليس لديه قوات على الأرض، ولا علاقات مميزة مع الفصائل أو النظام. فضلاً عن ذلك ليس لديه تأثير لا على الخليج ولا على إيران ولا على الولايات المتحدة.

لا شك أن جزءاً من التوجهات حول سوريا والتي تناولها المؤتمر، مرحلة الإعمار ما بعد الإتفاق السياسي. والأوروبيون سيشاركون في هذا المجال، وهم لن يكونوا الوحيدين في العملية. انما حين تبدأ، سيحصلون على حصصهم ومن خلال ذلك سينعشون اقتصادهم عبر استثمارات شركاتهم.