Site icon IMLebanon

لبنان «يحصد» بذور أمان..«فجر الجرود»

المواقف الداعمة للجيش والتي لا زالت تتوالى منذ انتصاره في معركة «فجر الجرود» ولغاية اليوم، تؤكد صوابية القرار الذي اتخذته المؤسسة العسكرية في ما يتعلق بهذه الحرب، خصوصاً لجهة التكتيك الذي اتبعته منذ لحظات الدعم السياسي الأولى الذي تلقته، على الرغم من بعض الانتقادات التي وجّهت إلى الجيش في تلك الفترة خصوصاً في الشق المتعلق بتأخير اعلان المعركة والذي كانت أعلنت القيادة مراراً وتكراراً، بأن التوقيت هو شأن يخص الجيش وحده وله وحده أن يُحدد ساعة الصفر.

اليوم يحصد لبنان كله من جنوبه إلى شماله، نتائج الانتصار الذي تحقّق على يد الجيش في معركة «فجر الجرود» وأدى إلى دحر الجماعات الإرهابية عن آخر بقعة لبنانية كانت حتى الأمس القريب، بمثابة شوكة في خاصرة لبنان كله أو «دويلة» يُصعب المساس بها أو مجرد التفكير بالتخلص منها، حتّى أن البعض في الداخل والخارج، راح ينفخ بحجم هذا الإرهاب الذي كان يكمن وراء الجرود والتلال، ويصوره للبنانيين على شكل «مارد» وربما «تنّين» ويُحذر من ايقاظه كي لا يبتلع كل ما يُمكن أن يقف في طريقه أو يُفكر مجرد التخلص منه.

كل هذا الأمن والأمان الذي ينعم به لبنان اليوم، هو بفضل المؤسسة العسكرية وأبنائها الذين لم يبخلوا بتقديم أرواحهم في سبيل تحرير هذه الأرض. وقد بنى هذا العطاء والاندفاع وقّوة الإرادة على تحرير المساحات التي كانت تحتلها الجماعات الارهابية الموحدة تحت راية القتل والخطف والتنكيل، على دعم سياسي غير مسبوق مُنح على ورقة بيضاء لمؤسسة هي في الأصل محل ثقة وأهل لها، ولديها باع طويل في تحقيق الانجازات ومحطات مكللة بالانتصارات، ولكل ضابط وجندي فيها، جبين مُكلل بالعز والغار لم ينحنِ إلا لتقبيل تراب الأرض بعد أن طُهّرت بالكامل من دنس الغزاة. ويُسجل لمؤسسة الجيش أنه ومنذ أسْر العسكريين في عرسال وما تبعه من احتلال لبعض المساحات الحدودية، وما رافقه من عمليات قتْل وأسْر وإرسال سيارات مُفخّخة إلى الداخل اللبناني وإعلان تواجد علني للجماعات المُسلحة في كافة الجرود، راح الجيش يبني تحضيراته العسكرية واللوجستية ويُعزّز أمكنة إنتشاره عند الحدود ضمن الإمكانيات المُتاحة طبعاً والتي أثبتت جدواها على الرغم من ضآلتها.

اليوم وفي ظل أيام الفرح والعز التي يعيشها لبنان بفعل إنتصار الجيش في معركة «فجر الجرود» والتي جعلت البلد خالياً تماماً من وجود الجماعات الارهابية كما كان الحال في كل من جرود عرسال والقاع والفاكهة وراس بعلبك، وفي ظل الارتياح الكامل للبنانيين لجهة الأمن والأمان وعدم الشعور بالخوف كما كان حال الأيام السابقة، يُمكن القول لا بل الجزم، أن كل ما يُحكى عن إنجازات وإنتصارات في مواجهة المُسلحين هناك، وكل ما تحقق من تحرير أراض ووديان وتلال وسهول، يعود الفضل فيه إلى الجيش وحده، وهو الذي صمد وخاض المعارك الضروس طيلة الفترة الماضية، والتي خسر خلالها خيرة من ضبّاطه وعناصره في سبيل الوصول الى هذه اللحظة التي ينعم فيها كل لبنان، بهذا الكم من الطمأنينة.

حجم المسؤولية الملقاة على عاتق الجيش في تثبيت الأمن والاستقرار، تجعله في أكثر من موقع في حالة استنفار دائمة بهدف منع حصول أي عمل تخريبي أو معاودة الجماعات الارهابية الكرّة ثانية في ما يتعلق بهجماتها من الجهة الحدودية أو حتّى محاولة استنهاض لأي خليّة إرهابية في الداخل. ومن هنا، تؤكد مصادر عسكرية لـ «المستقبل»، أن «الجيش اليوم في مرحلة يُمكن تسميتها بالأهم والأنجح في تاريخ العمل العسكري والأمني واللوجستي في لبنان. ومن الجهوزية الكاملة المبنيّة بشكل أساسي على مواجهة وصد أي عدوان وأي محاولة لإختراق الاراضي اللبنانية، يمكن الجزم بأن المرحلة الحالية هي من أهم مراحل الاستقرار التي مر بها لبنان في الفترة الاخيرة. وهذا ما كان آل العهد الجديد على نفسه القيام به منذ اللحظة الأولى لانطلاقته».

المواقف السياسية والشعبية المؤيدة للجيش والداعمة لخياراته والمتعاطفة معه بكل المواقع، لم تتوقف منذ اعلان قائد الجيش العماد جوزيف عون «انتهاء معركة الجرود»، يوم الاربعاء في الثلاثين من الشهر الماضي. والجيش الذي لا يمكن أن يضع أي إنجاز أو انتصار يُحققه إلا في خدمة البلد ومصلحة شعبه. ومن أهمية وجوده التي تنعكس بشكل دائم ومستمر على حالة الاستقرار والأمن في لبنان، كانت الطبقة السياسية وعلى رأسها الحكومة الحالية، قد فككت كل العراقيل التي كانت توضع في وجهه والتي كانت تعوق عمله وتمنعه من القيام بواجب يكون شبيهاً لـ «الواجب» الذي أقامه مع الجماعات الارهابية التي اضطرت مرغمة على رفع راية الاستسلام والنجاة بأرواح عناصرها بعد ان علقوا بين فكي حصار وحدات الجيش.

ومن باب التذكير فقط، فان الدعم المتنوّع الذي تلقته المؤسسة العسكرية خلال العهد الجديد، كان أكده رئيس الحكومة سعد الحريري خلال زيارته جنوب الليطاني، ويومها خصّ مقر قوّات «اليونيفيل» في الناقورة، بزيارة حملت أكثر من رسالة للعدو الاسرائيلي وللإرهابيين على السواء. وتثبّت هذا الدعم السياسي لمؤسسة «الشرف والتضحية والوفاء»، بزيارة قام بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لقائد الجيش في مبنى القيادة في اليرزة. واللافت في تلك الخطوة، كان زيارة رئيس البلاد غرفة عمليات القيادة العسكرية حيث تابع من داخلها بوجود وزير الدفاع وقائد الجيش، العملية التي نفّذها سلاح الجو اللبناني ضد مواقع الإرهاب في الجرود والتي حملت لاحقاً التأييد المطلق لمعركة «فجر الجرود» التي تكللت بأعظم وأهم إنتصار.