Site icon IMLebanon

لبنان يرفض «أونروا» خاصة بالسوريِّين…

يُجمع العائدون من لقاء وزراء خارجية دول الحلف الدولي الـ68 الذي عقد في واشنطن أخيراً ومعهم مَن يستعدّون للتوجه الى مؤتمر بروكسل الأربعاء المقبل المخصّص لدعم النازحين واللاجئين السوريين في بلادهم ودول الجوار السوري، على رفض ما يؤدي الى تنظيم وجودهم في لبنان بدلاً من تنظيم عودتهم الى بلادهم منعاً لقيام وكالة «اونروا» جديدة خاصة بهم. كيف السبيل الى هذه الغاية؟

في خضمّ الإستحقاقات المتتالية التي يواجهها لبنان في نيسان الجاري، بقي ملف النازحين السوريين الذي يقض مضاجع المسؤولين على كل المستويات مطروحاً في كل اجتماع ومؤتمر محلي أو إقليمي أو دولي، خارقاً لائحة اولويات السلطة السياسية اللبنانية مهما تنوّعت وتعدّدت اسماؤها وعناوينها من ملف قانون الإنتخاب الى ملفي الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب للمدنيين والعسكريين.

وفي هذه الأجواء، وما أن انتهت اجتماعات وزراء الخارجية الـ 68 للدول المنضوية تحت لواء الحلف الدولي ضد الإرهاب في واشنطن، حتى انخرط اللبنانيون في التحضير لمؤتمر بروكسل المقرَّر الأربعاء المقبل بعد سلسلة من اوراق العمل التي إختُزلت بورقة واحدة أُقرّت سابقاً لتوحيد الموقف اللبناني وتوجيه العمل في اتجاهات محددة بهدف توفير الدعم للنازحين السوريين والبيئة اللبنانية الحاضنة لهم وترميم البنى التحتية لتستطيع تحمّل اوزار النزوح المتفلت من أيّ ضوابط في القطاعات الكهربائية، المائية، التربوية الاقتصادية، الامنية، الاقتصادية، الاجتماعية، التربوية والصحية.

فالتقارير اللبنانية الموحّدة التي وُضعت، ولا سيما منها تلك التي أُقرّت في اللجنة الوزارية المكلفة وضع الإستراتيجية الموحَّدة للبنان الى مؤتمر بروكسل كما تعهد في مؤتمر لندن قبل عام، لحظت الأضرار غير المباشرة التي لحقت بلبنان والتي قدرت بنحو 17 مليار دولار منذ بدء النزوح السوري اليه.

وحصرتها في آخر ورقة بموجب «خطة لبنان للاستجابة للأزمة» التي أُعلن عنها في 19 كانون الثاني الماضي بعشرة مليارات من الدولارات في حضور ديبلوماسي اوروبي وعربي وأممي تمثّل بالسفراء ورؤساء البعثات والمنظمات الدولية المعتمدين في لبنان ممثلي الهيئات المانحة في ملف النازحين، والتي دعت المجتمع الدولي الى «مساعدة لبنان في هذه المهمة الكبيرة»، بهدف «تعميم الكلفة ومنع حصرها بلبنان» وتحديد «عواقب عدم المساعدة التي على العالم بأسره أن يشعر بها».

على هذه الخلفيات، تلاقت المواقف بين الإدارات الحكومية المعنية بالملف اقتصادياً واجتماعياً وديبلوماسياً عند البحث فيه، وكشفت مصادر ديبلوماسية أنّ وزير الخارجية جبران باسيل صارح مَن التقاهم من أعضاء في الكونغرس الأميركي ومجلس الأمن القومي ووزراء الخارجية الـ 68 الذين التقوا في ضيافة نظيرهم الأميركي ريكس تيلرسون الأسبوع الماضي في واشنطن أنّ لبنان يرفض الدعم الدولي لتنظيم الوجود السوري في لبنان ما لم يكن هادفاً الى إعادتهم الى بلدهم. على أن يتزامن مع دعم السلطات اللبنانية المحلية المضيفة لهم وإعادة ترميم البنى التحتية التي يستخدمها النازحون في كل المجالات.

وقال زوار العاصمة الأميركية إنّ باسيل كان واضحاً في دعمه المضي في مشروع بناء «المناطق الآمنة» في سوريا لإعادة النازحين في السرعة القصوى الى «سوريا المفيدة» التي يسيطر عليها النظام وتنعم بالأمن، كما الى المناطق الأخرى التي توجد فيها القوى الدولية من اميركية وروسية وتركية، وتنظيم العودة اليها بكلفة ستكون اقل بكثير ممّا يُصرف في بلدان الجوار السوري ودول الشتات الأخرى التي قال إنها باتت تستضيف نحو خمسة ملايين سوري.

فالمساعدات الفورية للنازحين العائدين هي الخطة البديلة والأنجح في مواجهة الأزمة وتوفّر إعادة بناء ما تهدّم في سوريا والإستفادة من ثروات طبيعية كبيرة جداً تتمتع بها سوريا الكبرى.

فيرتاح لبنان ويرتاح النازحون متى أُعيد تثبيتهم في ارضهم إن صحّ أنّ العالم لم ولن يقبل بعمليات التبادل السكاني الجارية في سوريا بنحو مخيف يوحي بمشاريع تقسيم يخشى منها لبنان كما دول الجوار السوري والعالم العربي.

وعليه يضيف زوار واشنطن الذين واكبوا زيارة باسيل واعمال مؤتمر وزراء الخارجية أنّ لبنان سجّل موقفاً رافضاً لقيام «اونروا» خاصة بالسوريين مخافة أن تتجدّد التجربة المريرة بين «الأونروا» واللاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان ودول الشتات وغزة والضفة الغربية وما تبقى منها في سوريا.

والى هذا النشاط الذي شهدته الولايات المتحدة، تتّجه الأنظار الى بروكسل حيث سيناقش المجتمعون هذا الملف في المؤتمر الذي دعا اليه الاتحاد الأوروبي، وترأسه الأمم المتحدة والهادف كما قالت وزيرة خارجية الاتحاد الى «دعم السوريين داخل سوريا وفي الدول المجاورة».

وعليه، تسجّل المراجع الديبلوماسية بارتياح بالغ وحدة الموقف اللبناني من هذا الملف، وجاء تعيين «وزير دولة» لشؤون النازحين السوريين ليزيد ثقة المجتمع الدولي بجدية الموقف اللبناني وتصميمه على مواجهة هذه الأزمة، فلا يتحوّل النازحون لاجئين وهو ما يدفع في القريب العاجل الى اعادة النظر في الإحصائيات التي تجريها المؤسسات الدولية والأممية للفرز النهائي بين اللاجئ الساعي الى الأمن واللاجئ الإقتصادي الذي يبحث عن فرصة عمل تزيد من نسبة البطالة اللبنانية، وترفع من نسبة هجرة اللبنانيين، وهو امر يجب تداركه من الآن منعاً لتفاقم الأزمة في وقت قد لا يكون بعيداً.

وتجدر الإشارة الى أنّ لبنان يواكب مؤتمر بروكسل بعناية خاصة طالما أنه الأول الذي يتناول ملف النازحين داخل سوريا وخارجها، على أمل أن تدفع مواقف لبنان العالم الى العناية بالداخل السوري مسرحاً لمعالجة الأزمة في الداخل وإعادة النازحين من الخارج اليها إن صحّت النّيات السورية الرسمية وغير الرسمية والحكومات المؤثرة فيها من واشنطن وموسكو وطهران وأنقرة بمنع الفرز السكاني نهائياً وتأمين عودة السوريين الى مناطقهم وهي مهمة دولية قبل أن تكون سورية داخلية.