Site icon IMLebanon

ليبقى لبنان عربياً

لا يغالي السفير علي عوّاض عسيري بقوله: “هناك جهات تريد تدمير لبنان”، ليس المقصود تدميره عبر زجّه في الصراع الإقليمي من سوريا الى اليمن مروراً بالعراق فحسب، او عبر دفن الدولة في الفراغ المتراكم من رئاسة الجمهورية الى السلطتين التنفيذية والتشريعية، أو من خلال نسف دستور و”اتفاق الطائف” للذهاب الى مؤتمر تأسيسي يعيد إنتاج النظام فحسب، بل ايضاً من خلال تدمير هوية لبنان العربية وتغيير انتمائه الطبيعي والتاريخي الى هذه الأمة، التي تشهد هجمة ايرانية من موريتانيا الى حدود البصرة!

كان لبنان في العهدة الفلسطينية التي أنتجت حرباً مديدة، وإنتقل الى الاحتلال السوري الذي أنهته ثورة طالبت بالسيادة والاستقلال، لكنها لم تلبث ان وقعت في محاولات لفرض الوصاية الإيرانية عليه، وضمّ لبنان الى “تيار المقاومة” الذي يقرع طبول فلسطين لكنه يقاتل في الساحات العربية متدخلاً في السعودية والكويت والإمارات والبحرين واليمن والعراق وسوريا!

إشارة البيان السعودي الى وقف تمويل تسليح الجيش وقوى الأمن شيء مقلق، وتشديده على “ان السعودية تؤكد وقوفها الى جانب الشعب اللبناني بكل طوائفه ولن تتخلى عنه وستستمر في مؤازرته” شيء مريح، وبين الشيئين أشياء:

اولاً – ان وقف التمويل سيضرّ بقدرات لبنان الأمنية ما يقلق الذين يريدون قوة مقتدرة تحميه من النار المندلعة على حدوده، بينما يصرّ البعض على سحبه سحباً الى أوارها، حيث تفاخر ايران علناً بأن لديها ٦٠ الفاً يقاتلون هناك. ووقف التمويل يريح الذين يعملون على ان لا يكون للبنان جيش مقتدر وقوي يتسلم سلطة السلاح على كل لبنان. أولم يقل “حزب الله” تكراراً أن سلاحه لحماية لبنان الى ان يقوم الجيش القوي، إذاً لماذا تريد ايران قيام هذا الجيش القوي إلا إذا وقعنا في فخ التسليح الإيراني المطروح؟

ألم يقل ميشال عون يوماً [وهو ابن الجيش] إن الجيش مقصر و”حزب الله” يحمي البلد، ثم ألم يستمر التشكيك الإيراني في الهبة السعودية، ويصل الى حد القول إن الصواريخ الفرنسية التي تسلمها الجيش سابقاً لحقتها الرطوبة ويا للمسخرة!

ثانياً – المهم ان يقف الشعب اللبناني الذي أشار إليه البيان السعودي عند مصالحه ومستقبله وانتمائه الى الأسرة العربية، ودعونا من ترهات موقف الخارحية اللبنانية وبيانها السخيف الصادر رداً على القرار السعودي، على الأقل لأنها تعلم ان علي خامنئي ندّد بالاعتداء على السفارة والقنصلية واعتبره مضراً بإيران فبأي نأي نتمسك نحن إلا بالنأي عن لبنان والعقل؟

الأهم ان طهران كررت دائماً انها باتت تسيطر على بيروت، فهل فكّر أحد في هذه الحكومة أو خارجيتها المسخرة في استدعاء السفير الإيراني وتبليغه احتجاجاً أو إصدار بيان فيه بقية من الكرامة الوطنية؟