ان اي استحقاق سياسي في لبنان مرتبط دائما بالظروف الاستثنائية منذ اتفاقية المتصرفية ١٨٦١ مروراً بالحرب العالمية الأولى والثورة العربية الكبرى وشهداء أيار ١٩١٥ ومؤتمر فرساي ١٩١٩ وإعلان لبنان الكبير ١٩٢٠ والانتداب والمجلس التمثيلي الاول ١٩٢٢ والدستور الاول ١٩٢٦ والمجلس النيابي ومجلس الشيوخ الذي الغي، وصولاً الى استقلال لبنان عن فرنسا المحتلة ١٩٤٣، وجامعة الدول العربية ١٩٤٥ والامم المتحدة، مروراً بالقرار١٨١عام ١٩٤٧وتقسيم فلسطين الى دولتين، ثم حرب فلسطين عام ٤٨ وما نتج عنها من احتلال وتهجير وما رافقها من انقلابات واغتيالات، وثورة مصر عام ٥٢ مروراً بحرب السويس ٥٦، الى قيام الوحدة بين سوريا ومصر وتأثيرها، والنزاع المسلّح بين دولة الوحدة وحلف بغداد٥٨، ثم قانون الستّين الانتخابي، وصولاً الى ٢٨ أيلول 19٦١ والانفصال عن دولة الوحدة، وبعده الانقلاب العسكري، ثم حرب ٦٧ والهزيمة، وظهور المقاومة الفلسطينية واتفاق القاهرة ٦٩، ثم احداث الأردن ومجيء منظمة التحرير الى لبنان، ثم ظهور الحلف الثلاثي وانتخاب سليمان فرنجية، ثم وفاة الرئيس عبد الناصر عام ٧٠،ثمّ تولّي حافظ الاسد النظام في سوريا بعد شهرين، وبدء سيطرة الوجود الفلسطيني المسلّح على الحياة السياسية. ثم حرب تشرين ٧٣، وصولاً الى ١٣ نيسان ٧٥ واندلاع الحرب الأهلية، ثم دخول القوات السورية عام ٧٦، ثم اغتيال كمال جنبلاط٧٧، ثم اتفاقات كامب ديفيد ٧٨، ثم الثورة الايرانية ٧٩، وصولاً الى العام ٨٢ والاجتياح الإسرائيلي وخروج الفلسطينيين وانتخاب بشير الجميل ثم اغتياله وانتخاب أمين الجميل،والانقسام الداخلي حول اتفاق ١٧ أيار، ثم انتفاضة 6 شباط وحرب الجبل عام ٨٤، ثم اجتماعات جنيف ولوزان، وصولاً الى الفراغ الرئاسي عام ٨٨ واتفاق مورفي الاسد والحكومة العسكرية، ثم القمم العربية واللجنة السداسية، ثم اللجنة الثلاثية الرئاسية الملكية والدعوة الى الطائف، ثم العودة الى مطار القليعات والتصديق على الاتفاق عام ٨٩ وانتخاب رينيه معوض ثم اغتياله، وانتخاب الياس الهراوي ثم ضرب بعبدا عام٩٠، ثم حرب عاصفة الصحراء وتحرير الكويت ٩١، والاتفاق السوري الأميركي حول لبنان مجدداً، وانتخابات ٩٢ بعد عشرين عام، ومقاطعة المسيحيّين والبطريرك صفير لهذه الانتخابات، ثم اتفاقات اوسلوا ٩٣ وانتخابات ٩٦ على وقع عناقيد الغضب والعملية العسكرية وتفاهم نيسان، وصولاً الى ٢٥ أيار ٢٠٠٠ والانسحاب الاسرائيلي، ثم الانتخابات النيابية على اساس قانون جديد، على ان تجري الانتخابات التالية بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، ثم التمديد للرئيس في ١ايلول ٢٠٠٤، ثم صدور القرار ١٥٥٩ في اليوم التالي، ثم بداية مسلسل الاغتيالات بمحاولة اغتيال مروان حمادة، ثم اغتيال رفيق الحريري في ١٤ شباط ٢٠٠٥، ثم الخروج السوري من لبنان عسكريّاً، وإجراء انتخابات ال ٢٠٠٥ على وقع الدماء والتحالف الرباعي، ثم طاولة الحوار، وحرب تموز ٢٠٠٦، ثم الاعتصام الطويل، ثم عملية ٧ ايار ٢٠٠٨والانتخابات النيابية ٢٠٠٩على اساس قانون الستين، ثم العزل والتعطيل والحرب في سوريا والتمديد للمجلس النيابي لأسباب استثنائية، ثم الشغور الرئاسي.
يعرف الجميع ان التطورات الجديدة تنبىء بالكثير من التحوّلات الكبرى على مستوى المنطقة ولبنان، وربما نكون قد دخلنا في ظروف مغايرة لتلك التي تمّ خلالها انتخاب رئيس الجمهورية قبل ثلاثة أشهر. والسؤال الآن هو هل الظروف القادمة تسمح بإجراء انتخابات نيابية؟ وهي اهم من القانون الانتخابي، لأنّ الظروف تؤثّر على التكوّنات السياسية اللبنانية وأحجامها المتحركة باستمرار، وهذا ما يعرفه القادة الكرام جيّداً عن لبنان «جمهورية الظروف الاستثنائية»، منذ المتصرفية في العام ١٨٦١ حتى الآن ٢٠١٧.