أعني به الذي يعيش الحق ويريد نفسه فيه. حزني ان الناس يقبلون أنفسهم في الخطيئة ولا يرجون الخلاص منها إلاّ في اليوم الأخير. لكن المسيح قال: «أنتم الآن أنقياء بسبب الكلام الذي كلمتكم به”. غريب في تصوري ان يقبل الناس أنفسهم على الخطيئة. فكأنها المحتوم الدائم. كل إنسان خاطئ هذا تقرير حال ولكنه لا يعني المحتوم الذي لا خروج منه ولو على الرجاء. الرجاء حرية.
صحيح ان لبنان وجود من بشر أي من خطأة ولكن هناك خروج من الخطيئة. الخاطئ له ان يتحرر طوعاً من خطيئته. ليس هو واقعاً في الجحيم إلى الأبد. له ان يتوق إلى الطهارة. والتوق من بدئه طهارة.
أكيد ان الوطن كيان من بشر أي من مجموعة خطأة لكن الخاطئ له ان يتوق إلى البر وبدء التوق تحرر. للغارقين في الخطيئة ان يحبوا تحررهم منها. الوطن إذًا له ان يسير إلى حريته من شروره وان يتوق إلى فردوسيته. هذا ليس من الخيال. واقع الإنسان انه مرمي بين الخطيئة والبر. البر فينا واقع كالخطيئة. والوطن الذي نعرف خطيئات أبنائه نعرف أيضًا طهارتهم. الوطن إذا شاء يأتي من الله إذ فيه ناس يتبررون. الواقع البشري ليس سماء بعد ولكنه ليس فقط جحيما. الناس متأرجحون بين سموهم وسقوطهم حتى مجيء المسيح ثانية.
لذلك ليس لبنان كاملاً ولن يكون لأن لبنان أبناؤه وليس شيئاً آخر. ولا كيان له في رؤية الله الا إذا صار لبنان الحق. الشعراء أفسدونا. ظنوا ان البلد الذي تصوروه كله مجد وما أرادوا ان يعرفوا ان الناس يكونون البلد ليس فقط بحبهم ولكن بخطاياهم.
الوطن مرجو تحقيقه بفضائل أبنائه وحسناتهم. ليس معطى جامداً وليس شيئاً يضاف إلى أبنائه. ليس هو تجمعا فحسب. هو رجاء لأنه يتكون. قد يتأخر أو يتخلف ولكنه كثيراً ما يتقدم في حسن ومعرفة. الوطن آتٍ لأن أبناءه صانعوه اليوم. البلد ليس شيئاً آخر عن الناس. هو حسناتهم وهو خطاياهم وما يريده الله من جمالاتك والمبرات.
البلد في أعلى درجاته صنع القديسين. المعرفة والعلم ليسا كافيين لتكوينه. ان لم يكن الله سيد البلد فليس البلد بشيء. هو لا يحتاج إلى من يتغنى به. انه في حاجة إلى من يصنعه.
بلد بلا إله يعبده صانع نفسه والإنسان يصنع نفسه كثيراً بخطاياه. بلا إله البلد ناس تفهون يسعون إلى منافعهم وأمجادهم. الناس ليسوا من ذواتهم حقاً. ربهم يصنعهم حاملي حق حتى يظهروا أمام الله في اليوم الأخير. بلا إله يحيا البلد به كان البلد حجارة وشجراً. ان كان الرب حقاً فيك يكون في البلد كله.