IMLebanon

لبنان بركان مذهبي كسوره آخذة في الإتساع ويتأرجح عند حافة الطائفية

«الإدارة الأميركية لا تريد إيجاد حلول لأزماته ولن تكرس الوقت والموارد من أجله»

لبنان بركان مذهبي كسوره آخذة في الإتساع ويتأرجح عند حافة الطائفية

الأجندات المختلفة تجعل حل الأزمة اللبنانية مستحيلاً ما لم تقدّم جهات خارجية حلولاً

قد يكون تراجع حضور لبنان في تقارير مراكز الابحاث والتفكير الغربية، ولا سيما الاميركية، الدليل الفاقع على انحسار الاهتمام الدولي به وبمشاكله، وخصوصا ان المنطقة المحيطة به تغلي من ادناها الى أقصاها، وعواصم القرار لا ترغب في الخوض في بقعة لم تأتِ لها يوماً إلا بوجع الرأس.

لا يخفي هذا الاتجاه زوار لبنان من الاوروبيين والاميركيين.

لكن هذا الانحسار لم يبلغ بعد درجة اهمال كلي للملف اللبناني. فالغرب يأمل راهناً إبقاء «الستاتيكو اللبناني» على ما هو عليه: لا حل ولا انهيار، بل مجرد الحفاظ على الاستقرار في درجاته الدنيا. وربما من هذا المنطلق، يزداد التعاون الاستخباري- الأمني، وخصوصا الاميركي – اللبناني، في مواجهة تحديات الارهاب والتطرف، فيما ينحدر بإطراد الاهتمام السياسي – الاقتصادي. وليس أقل من دليل على هذا التوجه، زيارة الرجل الثاني في وكالة المخابرات المركزية الاميركية ديفيد كوهين الى بيروت لساعات معدودة، اقتصرت فيها لقاءاته على قادة عسكريين وأمنيين.

وكوهين ذو الاعوام الـ 51، كان لـ 6 أعوام مساعداً لوزير الخزانة مكلفاً شؤون مكافحة الارهاب تطبيق العقوبات المالية ومكافحة تبييض الاموال.

واثناء توليه هذا المنصب، اهتمت وزارة الخزانة، احدى وزارات المالية النادرة في العالم التي لديها وكالتها الخاصة للاستخبارات، بتجفيف موارد تمويل تنظيم «داعش».

كوهين محام،ٍ انضم الى وزارة الخزانة في العام 1999 حيث شارك في صوغ مواد في قانون «باتريوت اكت» المتعلق بقوانين تمويل مكافحة الارهاب.

يقول تقرير بحثي أميركي ان «لبنان لا يزال بوتقة الانصهار الوحيدة في الشرق الأوسط. ولم يحدث قط أن تكون المنطقة المحيطة به في حاجة الى واحة عربية سلمية، اكثر من الوقت الراهن. ومع ذلك، هو راهنا بركان طائفي. عاصمته على مسافة قصيرة من المأزق السوري. وربع سكانه من اللاجئين. والكسور الطائفية آخذة في الاتساع، فيما تواجه الحكومة الشلل. لكن لبنان لم ينفجر بعد، لذلك يلقى القليل من اهتمام الادارة الاميركية التي تطغى عليها الأزمات في الشرق الأوسط. لكن إذا تحطم لبنان، فإن ذلك يعني تحطم النموذج الوحيد للتعايش والتسامح في الشرق الأوسط. لذا هو في حاجة ماسة الى رجال دولة مستعدين للنظر الى ما وراء مصالحهم الشخصية ومصالح جماعتهم».

يضيف: ظهر لبنان الحديث من تحت أنقاض الإمبراطورية العثمانية مع سيطرة فرنسا على المحافظات العثمانية السابقة التي سيطر عليها في حينه المسيحيون الموارنة والدروز. لكن في العام 1975، اندلعت حرب أهلية واسعة النطاق انتهت في العام 1990. ومنذ ذلك الحين يعاني لبنان، بدءا من الصراع مع إسرائيل، مرورا بموجات العنف الطائفي، والآن انهيار سوريا. ورغم كل هذا، يبقى لبنان حرا ومتنوعا بشكل فريد. لكن السياسة والمنهجيات التي يتبعها زعماؤه تقوض امكاناته الاقتصادية، بحيث ان الصراعات الدورية تعرقل النمو.

ويشير الى ان «الانفجار الداخلي في سوريا يشكل تهديدا أكبر لاستقرار لبنان. فحزب الله الشيعي تدخل مباشرة الى جانب نظام الأسد، فيما تيار المستقبل السني دعم المعارضة السورية. كما ارتفعت حدة التوتر بين السنة والعلويين الذين يدعمون الحكومة السورية، والمسيحيين، الذين ينتقدون «داعش». ومع وجود سوريا في الشمال والشرق، يبقى لبنان عرضة لتدفق عنيف من اللاجئين. وتمكنت الاجهزة الامنية من احباط عدد من الهجمات الإرهابية».

ويلفت الى ان «الأجندات المختلفة لدى مختلف الافرقاء تجعل حل الأزمة السياسية مستحيلاً ما لم تقدم جهات خارجية حلولاً وتتدخل لانفاذها، وهو الامر الذي يمكن لواشنطن ان تفعله من خلال استخدام نفوذها الجديد مع طهران لتشجيع الحوار بين إيران والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان التي في استطاعتها استضافة مؤتمر دولي في مسقط حول لبنان، ينتج عنه حل شبيه بذلك الذي توصل اليه اللبنانيون في الدوحة القطرية في ايار 2008. وينبغي أن تقلق الولايات المتحدة على لبنان، وهو الذي يجمع مزيجاً من التسامح والانفتاح الاقتصادي والتعددية وحقوق الإنسان والديمقراطية والحرية الثقافية، وحرية غير متعارف عليها او مألوفة في الشرق الأوسط. لكن كل هذه الميزات مهددة. وهي في حال اضمحلت في لبنان، سيفقد العالم العربي المثال الوحيد لنظام سياسي اجتماعي – إنساني. مع ذلك، لا تريد واشنطن ايجاد حل لمشاكل لبنان. فالتدخل العسكري غير وارد، ومن غير المحتمل ان تجد إدارة الرئيس باراك أوباما الوقت والموارد من اجل تكريسها لدولة أخرى في الشرق الأوسط. وعلاوة على ذلك، لا يزال النظام السياسي اللبناني المشكلة الأساسية. فأولئك الذين يستفيدون من الاستقرار الهش في البلاد يجب أن يتعاونوا لضمان بقاء النظام واستمراره. مع أن كُثُرا يعتمدون على قدرة لبنان على امتصاص الازمات او التكيف معها، لكن النظام بأكمله يبدو واقفاً عند حافة الهاوية وسط تفاقم الفوضى في المنطقة. واللبنانيون فقط يمكنهم ضمان بقاء أمتهم على قيد الحياة والازدهار».