Site icon IMLebanon

لبنان يتأرجح بين  الفراغ الشامل والكارثة… 

مشهد وسط بيروت، قلب العاصمة وقلب لبنان، أمس، يختصر المآسي والمعاناة ويختزلها:

جلسةٌ لانتخاب رئيس، ولا رئيس.

جلسةٌ لمجلس الوزراء ولا مقرَّرات ملموسة.

اعتصامٌ لأهالي العسكريين المخطوفين وإقفال شارع المصارف.

ببساطة، إكتملت!

باتت جلسات إنتخاب الرئيس مهزلة إنْ لم نقُل أكثر، فجلسة أمس تحمل الرقم 14، لكنَّ العدَّ مستمرٌ طالما أنَّ لا توافق. هكذا كان الوضع منذ 140 يوماً، أي منذ بدء الشغور في سدة الرئاسة، وهكذا يُتوقَّع أن يستمرَّ الوضع طالما أنَّ المعطيات التي تُعرقِل الإنتخابات مازالت قائمة.

***

جلسة مجلس الوزراء ليست أفضل حالاً، جدولُ أعمالٍ أقلُّ من عادي في ظروف أكثر من إستثنائية، سقف هذه الحكومة التجديد لسوكلين، أما القضايا الكبيرة فتتطلَّب من السلطة التنفيذية أخذ القرارات الشجاعة التي بإمكانها أن تغطي مرحلة الشغور في سدة الرئاسة.

***

أما وسط بيروت فعاد إليه مشهد الأزمات:

أهالي العسكريين المخطوفين وبعدما قطعوا الطريق الدولية في البقاع لستة عشر يوماً، فكُّوا إعتصامهم وانتقلوا به إلى وسط بيروت ملوِّحين بمزيدٍ من الخطوات التصعيدية، التي ربما تتجاوز وسط بيروت إلى طرقات حيوية أخرى.

***

هذا هو المشهد في لبنان الذي يُختَصَر بكلمةٍ واحدة:

التأجيل، فكلُّ شيءٍ مؤجَّل حتى إشعارٍ آخر، وربما حتى إشعالٍ آخر:

الرئاسة مؤجَّلة.

النيابة مؤجَّلة.

إطلاق العسكريين مؤجَّل.

السلسلة مؤجَّلة.

الكهرباء مؤجَّلة.

المياه مؤجَّلة.

وحدها الكارثة غير مؤجَّلة، وهي تأتي بالتقسيط وليس دفعةً واحدة.

فماذا لو طال أمَد الشغور في رئاسة الجمهورية؟

ومَن يعرف إلى متى سيطول هذا الشغور؟

ماذا لو لم تَجرِ الإنتخابات النيابية وتمَّ رفض التمديد؟

أليس هذا احتمالاً قائماً ولو بنسبةٍ ضعيفة؟

لكنَّه يبقى احتمالاً موجوداً.

في هذه الحال، يصبح الوضع على الشكل الآتي:

لا رئاسة، لا مجلس نواب، لا حكومة مكتملة الأوصاف، واستطراداً: لا تواقيع لرئيس الجمهورية ولا تشريع من مجلس النواب ولا قرارات من مجلس الوزراء، فهل من بلدٍ في العالم يشبه بلدنا؟

ربما نحن صومال آخر، ربما يمن آخر لكن بالتأكيد لسنا لبنان الذي نعرفه ولا البلد الذي نحلم فيه.

إذا كان البلد يحتاج إلى ثورةٍ فالشعب تعب من الثورات، وإذا كان يحتاج إلى إنتفاضة، فالإنتفاضات لم تعد تُجدي.

إذاً ما الحل؟

وما هو المخرج؟

ليس هناك من حلٍّ سوى أن يتَّخذ النواب القرار الصعب بإجراء الإنتخابات الرئاسية، فإعادة تكوين السلطة تبدأ من الرأس، وبعد إنتخابات الرئاسة يتمُّ تحديد سقفٍ زمنيّ للتمديد للمجلس النيابي، وهذا السقف مرتبط باستقرار الوضع الأمني الذي يتيح إجراء هذه الإنتخابات.

***

ما لم يحصل هذا الترتيب، فإنَّ البلد أمام كارثة حقيقية.