بعد معادلة الـ»سين ـ سين» التي روّج لها الرئيس نبيه بري طويلاً منذ ما بعد العام 2005، انتقل رئيس المجلس النيابي إلى معادلة جديدة يُمنّي النّفس فيها بتوافق سعودي ـ إيراني وفي كلا المعادلتيْـن كان يُتوقّع أن يكون «ضحيّة» أيّ من المعادلتيْن!
يُنسب الى الرئيس الأميركي جيمي كارتر، تشبيهه للبنان في العام 1978 بـ»القنفذ» الذي يخزك بأشواكه من أين أمسكت به، اليوم انتقلت الحال «القنفذيّة» إلى سوريا، فقد تخلّى الحكّام العرب عنها منذ بدايات الثورة السلميّة، لم يأخذوا موقفاً إيجابياً واحداً، وللأسف السوريّون ما زالوا كما كانوا في الستينات أهل انقلابات وانقسامات لا يستقرّ لهم إجماع على رأي، وهذه طبيعة مخيفة لشعب أسهم بنفسه في خلق نظام ديكتاتوري حكمه بالحديد والنار والقتل والتعذيب والمعتقلات، وهذا «التخاذل» العربي أفضى إلى حال عجز دوليّة عن فرض حلٍّ جديّ للحرب في سوريا، وهذا يطيل عمر الأزمة في لبنان ويتركها من دون أفق…
لبنان اليوم في وضع لا يحسد عليه، وإن كان هذا الوضع يشبه وضعه في مطلع ثمانينات القرن الماضي ما بعد اغتيال الرئيس بشير الجميل عام 1982 وتهجير القوات المتعددة الجنسيّة عام 1983 في مثل هذه الأيام من تشرين الأول، ثمّ الانقلاب الذي نفذته الميليشيات الشيعية بتوجيه ورعاية خمينية ـ أسدية في 6 شباط 1984، بعد ذاك التاريخ امتدت أعوام ثمانية كأنها اليوم بنفس الأسماء ونفس اللاعبين، تلك المرحلة التي أفضت إلى حرب مدمّرة تلاها اتفاق الطائف والذي لم يجرؤ معه أحد على تخليص لبنان من الاحتلال السوري!!
و»اتفاق الطائف» كان حلاً وهمياً، وهو يشبه مركباً من صنعه تركه مليئاً بالثقوب والعيوب، بعده قايض علينا العرب وأميركا مقابل مشاركة رمزية سورية صوريّة في «عاصفة الصحراء» لاستعادة الكويت من يد صدام حسين، ومجدّداً لبنان اليوم متروك للفراغ وللإنهاك، كأنّ المطلوب أن يستنزف حتى آخر قطرة ليخضع ويقبل بـ»الطائف الإيراني» في انتظار»داعش» وتسويات المنطقة التي لم يحن موعدها بعد!! وعلينا الإعتراف بأنّ دول الخليج العربي التي تركت لبنان لقدره مع الاحتلال السوري، تعيش ذعراً من خسارة أمنها بعدما باتت إيران مقيمة في «عبّ» هذه الدول، وتحديداً في «عبّ» المملكة العربيّة السعوديّة، منذ أحكمت إيران قبضتها على لبنان استطاعت إحكام قبضتها على المنطقة انطلاقاً منه وهذه هي الحقيقة الإقليميّة، التي تكابر دول الخليج العربي على الاعتراف بها!
تخلّت المملكة العربيّة السعوديّة عن لبنان، لم يكن ذلك التصريح الغاضب لوزير الداخلية السعودي الراحل الأمير سعود الفيصل في كانون الثاني من العام 2011 أن السعوديّة «رفعت يدها عن الوساطة التي أجرتها مع سورية لحلّ الأزمة في لبنان»، وتمّ استدراك التصريح لاحقاً، واليوم علينا أن نصدّق أن ما قاله الراحل سعود الفيصل كان الحقيقة ليس إلا…
وفي انتظار تظهّر الصورة في سوريا وفي اليمن، ما يزال أمام لبنان بضعة أشهر بعد انقضاء ما يقارب عامين ونصف على «الفراغ الإنتخابي الرئاسي الأميركي» الذي لم يتظهّر فيه بعد وجه هيلاري كلينتون من وجه دونالد ترامب، وأيّ الوجهيْن فاز، لبنان سيدفع الثمن سواء كان الحل تسوية أم استمراراً للحرب في سوريا وضواحيها! كان الله في عون لبنان وسوريا ودول الخليج العربي والمملكة العربيّة السعوديّة، جميعهم بلغوا حالاً يحتاج إلى معجزة إلهية لإنقاذهم، وللأسف «إحنا في زمان يا عالم مفيهش معجزات»!!