عندما وصلت الى مسامع حزب الله الأجواء الإيجابية التي يبثها مسؤولون أميركيون تعاطى معها على أنها محاولة انتخابية أميركية، ومسايرة إسرائيلية، ليس إلا، فما كان مطروح امامه بشكل جدي لا ينطبق على كل ما ذُكر، وكذلك رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي يتعامل مع التفاوض بذكاء، وحذر، ليقينه أن العقل الإسرائيلي لن يوافق على وقف الحرب، أقله قبل الانتخابات الأميركية الرئاسية.
عندما تم اغتيال أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، تحدثت السفيرة الأميركية عن مرحلة ما بعد حزب الله، وتُشير مصادر متابعة الى أن الأميركيين كانوا في الأيام الأولى التي تلت الاغتيال مقتنعين بأن الحزب سينتهي قريباً ولن يصمد لا داخلياً ولا في الميدان، لذلك تم وضع الخطوط العريضة لأي تسوية مقبلة كانت عبارة عن صك استسلام يوقع عليه لبنان، لذلك كان تشديد الحزب بعدها على أن مرحلة التفاوض لم تبدأ بعد، وان الميدان سيكون لاعباً أساسياً بها.
يومذاك انطلقت جوقة السياسيين اللبنانيين المعادين للمقاومة بالخطاب نفسه الذي يتحدث عن مرحلة ما بعد المقاومة، إنما بعدها بأيام وبعد استعادة زخم المبادرة بالعمل المقاوم في الجنوب، وملء الفراغ القيادي في الحزب واستعادة السيطرة والقيادة، تبدّلت بعض الشيء لغة الأميركيين ولم تتبدل لغة بعض الداخل الذي لا يزال يعيش وهم سقوط المقاومة، حتى أن بعضهم يتحدث عن مرحلة “السلام” مع العدو الإسرائيلي، وتُشير المصادر الى أن لغة الأميركيين تبدلت من خلال ما يُكتب في صحف أميركية بارزة، كذلك لُمس التبدل من خلال حديث المسؤولين الإسرائيليين، وهو ما يُفترض أن ينعكس أيضاً على الخطوط العريضة للتفاوض.
بعد اغتيال السيد نصرالله كان المطروح أمام لبنان هو الاتفاق 1701 مع تعديلات تصدر بقرار من الأمم المتحدة أو تعديلات تُفرض على القرار بالقوة، ويومذاك تمسك لبنان بالقرار كما هو، وهو ما لا مشكلة بحزب الله لديه كونه تعامل معه بطريقته الخاصة طوال السنوات التي تلت حرب تموز 2006، وبالتالي تجزم المصادر اليوم أن مشكلة الحزب ليست بالقرار وتطبيقه متى كان متبادلاً، إنما بالنظرة الإسرائيلية التي تسعى لكسب الكثير نسبة لإنجازاتها بالحرب، وهو ما سيتبدل حتماً من خلال الميدان.
تكشف المصادر أن حزب الله لم يضع ضمن الاحتمالات للمرحلة التي تسبق الانتخابات الأميركية أن تنتهي الحرب، لذلك كان كلام الشيخ نعيم قاسم واضحاً بأن ما يجري لا يُعتبر تفاوضاً بعد، معلناً قدرة المقاومة عن الاستمرار في الحرب لأشهر، وذلك لا يعني أن الحرب مستمرة الى أشهر طويلة، ربطاً بالمتغيرات في المنطقة، إنما يعني أن المقاومة تُدرك أن كل الجو التفاوضي يهدف لإيهام البيئة باقتراب الحل لزيادة الضغط على المقاومة عند اعلان الفشل، ومحاولة تحميل حزب الله مسؤولية انهيار المفاوضات، تماما كما كان يحصل في غزة مع حركة حماس.
تؤكد المصادر أنه بالنسبة الى حزب الله لم يبدأ النقاش الجدي لوقف الحرب بعد، فتسريب المسودات هدفه إظهار يد إسرائيل على أنها العليا وأنها تفرض شروطها، جازمة بأن المقاومة لن تقبل أي حل سوى بالشروط التي تضمن سيادة لبنان وحقوقه كاملة.
بالنسبة الى المصادر هناك محطات أساسية ينبغي انتظارها اليوم، والأساس فيها الرد الإيراني على إسرائيل، والانتخابات الأميركية ونتائجها، وبالتالي بانتظار المحطة الأولى، ستبقى الكلمة للميدان الذي سيشهد تصعيداً.