Site icon IMLebanon

جرّ البلد

 

رائع أن يرفض المسؤولون اللبنانيون، وعلى رأسهم «إستيذ» الأساتذة جَرّ البلد الى حرب بحسب توقيت إسرائيل، الأروع أن نجرّها نحن بحسب توقيتنا. وهذا ما فعلته المقاومة الإسلامية في لبنان. كان نتنياهو ينوي التفرّغ كليا لقطاع غزة فوجد نفسه مجروراً إلى الجبهة الشمالية.

 

والملفت أن لبنان الأشبه بعربة يجرها حصانان، أو بغلان، كلّ في اتجاه، العاجز عن مد أنبوب مياه جر بين قرية وقرية، تراه مستعداً لإشعال حرب عالمية ثالثة من أجل نقطة الـ B1. حرب بلا سقوف وبلا قواعد وبلا راس.

 

متمسّكون بالقرار الأممي الرقم 1701 إنما نرفض أن يجرنا أي كان إلى تطبيقه بشكل أحادي وفوري وبحسب قراءته هو. نطبقه كما نريد، وساعة نريد بما يحفظ الثلاثية الشهيرة من كل أذى. أضف إلى ذلك أن بقليل من الجهد قد تتمكن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي من تحويل الثلاثية الذهبية إلى رباعية بإضافة اليونيفيل. جيش وشعب ومقاومة ويونيفيل. وهل من صيغة أفضل لحماية لبنان؟

 

كما في مسائل الحرب كذا في السياسة. لا أحد يجرنا جرّاً إلى انتخاب رئيس للجمهورية، خلفاً للجبل المنتقل بسلام من بعبدا إلى الرابية في 31 تشرين الأول من العام 2022،لا لجنة خماسية ولا سداسية ولا سباعية إن لم نشأ نحن انتخابه. على راحتنا ندعو إلى جلسة انتخاب. على مزاجنا نشارك أو لا نشارك. على توقيتنا يمشي الدستور على قدمين أو «يدب» على الأربع. نحن أحرار.

 

لا أحد يمكنه النيل من استقلالية القرار السيادي. لا أحد، مهما علا شأنه، يستطيع جرّ وزير الثقافة والإرشاد الإيديولوجي محمد وسام المرتضى إلى مصالحة الآنسة باربي بعد محاولته منع فيلمها في بيروت. هو الوزير بنفسه يقرر متى شاء طي صفحة الماضي مع باربي وتدشين صفحة جديدة معها عنوانها: «صافي يا لبن». ولا أحد يمكنه الضغط على وزير الدفاع موريس سليم لاقتراح اسم رئيس أركان. حلف الأطلسي لا يمكنه جر سليم إلى ما لا يريده. يستطيع العالم أن يسحقه ولا يمكنه أخذ توقيعه.

 

في موضوع الإصلاحات والـ»هيركات» ليس لصندوق النقد الدولي، أن يجرنا إلى وضع خطة للإصلاح المالي واضعاً المهل القصيرة والمتوسطة الأجل للتنفيذ. إسمع يا صندوق: الحكومة رئيساً ونائب رئيس ووزير مالية ومستشارين ترفض بشكل حازم جرّها إلى إصلاحات لم تُشبع بعد درساً وتمحيصاً ونقعاً وتخميراً.

 

وما بين الجرّ والمجرور وقفة تأملية أمام هذا المثل الخارج عن السياق: الكلب البدك تجرّه عالصيد بلاه وبلا صيده.