لبنان.. إلى أين؟
جميل أن يقول رئيس البلاد مطمئناً زوّاره «لن أترك لبنان يسقط»، لكن لا أحد سأل فخامة الرئيس «كيف»؟ ما هي خطة فخامتكم لإنقاذ البلاد؟ ينتاب كثير من اللبنانيين قلق من أن يقال لهم «روحوا إحكوا مع جبران»! لماذا لم يخاطب فخامته اللبنانيين ولم يصارحهم حتى اليوم، لا يكفي أن يقول «لن أترك لبنان يسقط»، في هذا الوقت المزري من تاريخ لبنان وأزماته الكثيرة ننتظر أن يخرج فخامته على اللبنانيّين معلناً عن تصوّره لكيفيّة إنقاذ لبنان، «العناوين العامّة» لا تكفي بل هي تزيد الأمور غموضاً!!
حقيقة علينا أن نسأل من هي الجهة التي تملك خطّة أو تصوّر لإنقاذ لبنان؟ حتى الآن الإجابة الواضحة هي لا أحد! لبنان إلى أين؟! بعد مشاهد الأمس أصبح السؤال جوهرياً إلى أقصى الحدود… سنظلّ نقول أنّ هذه الحكومة لم تملك أصلاً برنامج إصلاح، وأنّها عجزت عن إنجاز شيء، إلا إذا كان إعداد موازنة مالية «إنجاز» من وجهة نظرها، وسنظلّ نقول ونكرّر في هذا الهامش «هذه الحكومة عاجزة وهي لا تملك مشاريع تنهض بالبلد، ونحن لا نصدّقها عندما تقول أنّها ستنفّذ خطّة طوارىء إقتصاديّة، ومن المفارقات أن هذه الحكومة ادّعت أنّها «ستشيل الزير من البير» في أشهر ستّة، مع علمها يقيناً أنّ هذا النّهب والخراب المالي جرت مراكمته عبر الحكومات التي تتالت من بعد اتفاق الطائف؟!
مشاهد الأمس مخيفة، كأنّها مشهد «تجريبي» لما سيكون الأيّام المقبلة، كرةُ نار ستكبر وبسرعة وكلّ الخوف أن تُشعل البلد، ولا أحد يستطيع أن يتهمّ هذه التحرّكات في الشّارع والدّعوات إلى التّظاهر بأنّها مؤامرة داخلية أو خارجيّة، ولا أنّها مؤامرة على العهد، للأسف الذين يتآمرون على العهد هم فريق العهد نفسه لأنهم يخفون عنه حقيقة ما آلت إليه الأوضاع اللبنانيّة خلال السنوات الثلاث الماضية! والمحاولات الواهية لتسكين المخاوف الجديّة تعصف بأذهان اللبنانيّين لقد تحمّل اللبنانيّون الكثير، فمنذ العام 2005 ووضع اللبنانيّين ينحدر بثبات وقوّة بفعل الأزمات التي توالت على لبنان وعليهم، حتّى أوصلتهم سياسة الحكومات المتعاقبة والفرقاء السياسيّين المتعنّتين إلى هذا الحال المخيف اليوم!
لبنان.. إلى أين؟ من يستطيع أن يجيب اللبنانيين على هذا السّؤال؟ نحن في بلدٌ غارق وعلى جميع المستويات، والأفق اللبناني شبه مسدود، وكلٌّ متمسك بوزارة تحوّلت إلى مغارة نهب منظّم، ومن المؤسف أنّ الذين يتولون أمور اللبنانيين «مافيا» مدرّبة على نهب ثروات الشعب، ولن تغادر هذه الطبقة الحكم إلا بعد إفلاس البلد وسلبه آخر فلس في خزينته الفارغة؟!
من المخجل أنّ الحيتان الذين تضخمت ثرواتهم وتضاعفت ملياراتهم هم أنفسهم القيّمون على دعوى الإصلاح ومحاربة الفساد وسدّ مزاريب الهدر، والمهزلة الكبرى هي في خداع الشعب اللبناني بالحديث عن ردّ أمواله المنهوبة؟ وكلّ أحاديث المسؤولين اللبنانيّين وخطوط الحكومة المزعومة عن سدّ مزاريب الهدر ونذر العفّة والتقشّف ليست أكثر أكثر من ذرّ للرّماد في عيون المواطنين!
صحيح أنّ كثير من اللبنانيّين جلسوا في بيوتهم يتفرّجون على تظاهرات الأمس، لكن لا يستطيع المسؤولين الاتكال على فكرة أنّ الشعب اللبناني لا يتظاهر، الأوضاع الإقتصادية تتفاقم وبسرعة مذهلة والمسؤولين يتنصّلون من مسؤوليّاتهم، ويتركون هذا الشّعب يدفع أثمان شبقهم لكراسي الحكم من دون أدنى خجلٍ وإحساس بالمسؤوليّة الحقيقيّة عمّا آلت إليه أوضاع البلاد!
لبنان.. إلى أين؟ كلّ الخوف أن يكون لبنان ذاهبٌ «إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم»!
ميرڤت السيوفي