مَن لا يعرف لبنان لا يعرف قدرة هذا البلد على الصمود في وجه الإحتلالات وإسقاطها، ولو رجعنا الى التاريخ لتبيّـن لنا أنّ هذا الوطن الصغير بحجم مساحته (فقط 10452 كلم2) وعدد سكانه 4 ملايين نسمة عاصٍ على كل طامع ومحتل… لماذا؟ وكيف؟
التاريخ يثبت خصوصاً في تجاربه القريبة أنه أيام حكم المكتب الثاني في عهد الرئيس الراحل المرحوم فؤاد شهاب (1958- 1964) ثم في عهد الرئيس الراحل المرحوم شارل الحلو (1964- 1970) انتهى دور المكتب الثاني عندما اتفق اللبنانيون خصوصاً الحلف الثلاثي الذي كان يضم المرحومين الرئيس كميل شمعون والعميد ريمون إده ورئيس حزب «الكتائب» الشيخ بيار الجميّل، فاستطاعوا، في الانتخابات النيابية (1968) أن يسقطوا حكم المكتب الثاني وفاز الرئيس سليمان فرنجية بأكثرية الصوت الواحد.
«حكم» الفلسطينيون لبنان منذ عام 1969 أي منذ «اتفاقية القاهرة» لغاية الإجتياح الاسرائيلي في 5 حزيران 1982.
مَن كان يظن أنّ الفلسطينيين سوف ينتهي «عهد» حكمهم للبنان؟ وهنا أتذكر أنه في شهر شباط من العام 1982 صدرت الصحف اللبنانية بالمانشيت العريض تقول »اجتياح إسرائيلي سيصل الى مشارف بيروت«، لم يصدّق أحد هذا الكلام في ذلك الوقت، وجاء الإجتياح لينهي «العهد» الفلسطيني.
مع بداية الحرب الأهلية اللبنانية وبعد دخول «قوات الردع العربية» الى لبنان عام 1976 طبعاً تطوّرت الأمور وأصبحت قوات الردع العربية مقتصرة على القوات السورية وحدها.
من كان يظن أنّ سوريا ستخرج من لبنان؟ طبعاً لا أحد.
والحمدالله بحماقة وأخطاء الرئيس المجرم بشار الأسد الذي ظنّ نفسه أنه يستطيع أن يفعل في لبنان ما يريد صدر القرار عن مجلس الأمن الدولي 1559 الذي أنذر القوات السورية بالخروج… ونتذكر ما قاله فاروق الشرع في حينه أنه غير مكترث لهذا القرار وأنّ سوريا أقوى من أي قرار دولي… وبعد 3 أشهر عاد وتراجع الشرع قائلاً إنّ سوريا غير معنية بالقرار وأنه إذا طلب لبنان من سوريا أن تسحب قواتها فعند ذلك ستفعل.
وفي نيسان 2005 انسحبت سوريا من لبنان بطريقة مهينة ومذلّة.
ولا ننسى أيضاً الاحتلال الاسرائيلي عام 1982 يوم دخلت إسرائيل الى لبنان واحتلت أوّل عاصمة عربية في تاريخها وطبعاً انسحبت بعد 3 أيام من احتلال بيروت… وكان الجيش الاسرائيلي يعلن عبر مكبّرات الصوت: لا تطلقوا النار علينا نحن ننسحب! والجميع يتذكر الشهيد البطل خالد علوان الذي قتل 3 ضباط في مقهى «الويمبي» في الحمرا.
طبعاً وفي 25 أيار من العام 2000 بدأت إسرائيل إنسحابها من لبنان وذلك بفضل المقاومة اللبنانية وكان ذلك لأوّل مرة في تاريخ إسرائيل.
نقول ونسرد هذا التاريخ كله لنقول للذين يراهنون على مشروع ولاية الفقيه والذين يسعون للترويج لمشروع ولاية الفقيه إنّ هذا البلد عاصٍ على أي مشروع خارجي يستهدف سيادته وبالتالي لا يمكن لأحد أن يحكمه!
كلمة أخيرة: ماذا سيبقى من «حزب الله» إذا توقفت إيران على دفع رواتب عناصره المناصرين؟
وكم من الوقت يحتاج لكي يصبح «حزب الله» في ذاكرة التاريخ؟
عوني الكعكي