شكلت مسألة إنضمام لبنان الى التحالف الإسلامي العسكري ضد الارهاب بدعوة من المملكة العربية السعودية، مادة دسمة جديدة للانقسام الطائفي والمذهبي في لبنان كالعادة، فتوزعت المواقف بين مؤيد ومعارض إنطلاقاً من المنطق الطائفي اولاً، خصوصاً بعد موقف رئيس الحكومة تمام سلام الذي تفرّد في اتخاذ هذا القرار من دون العودة الى مجلس الوزراء، او التشاور مع وزير الخارجية، وحينها لقي سلام سلسلة انتقادات من فريقي 8 و14 آذار، فيما سارع رئيس مجلس النواب نبيه بري الى تهدئة الوضع، مع اعلانه بأن الموافقة المبدئية هذه ليست نهائية، لان الموقف النهائي يصدر عن مجلس الوزراء، اما الاطراف السنّية فقد دافعت عن موقف رئيس الحكومة وبصورة خاصة القادة في تيار المستقبل، الذين رأوا بأن ليس هناك أي مخالفة، وبأننا نخلق مشكلة من لا شيء، واصفين الخطوة بالتاريخية للحدّ من معضلة سياسية وأمنية وفكرية، باتت تشكل عبئاً خطيراً على صورة الإسلام الحضارية والإنسانية.
الى ذلك وانطلاقاً من موقف سلام المؤيد بسرعة لإنضمام لبنان الى التحالف، اعتبرت مصادر سياسية مراقبة بأن رئيس الحكومة إرتكب مخالفة مبدئية، لانه لم يستشر مجلس الوزراء، الذي يبقى له الحق بالموافقة أو الرفض، ورأت بأن لبنان ليس دولة اسلامية كي يوضع ضمن هذه الخانة، مع التأكيد بأن الارهاب لا دين له وهو شوّه الدين الاسلامي الذي لا يحوي هذه الصورة ابداً، معتبرة بأننا اعتدنا على إنشاء القوة العربية المشتركة في ملفات عدة، من دون التوصل الى أي نتيجة ايجابية لانها تبقى دائماً حبراً على ورق، خصوصاً اننا لم نشهد أي اجتماعات تحضيرية لإنشاء هذا التحالف والوسائل التي سيستخدمها، وبالتالي لم يحدّد اي استراتيجية لعمله، فيما المطلوب وضع بنود واضحة لمواجهة الارهاب ودراسة عملية قبل أي موافقة، ومنها القضاء نهائياً على مصادر تمويل الارهابييّن، وعدم السماح بوجود ارضية وبيئة لهم أي عزلهم نهائياً، والتأكيد اولاً واخيراً على ان مواجهتهم ستكون على يد المسلمين الرافضين لإي خطوة يقومون بها، تحت لواء الدفاع عن اهل السنّة، فيما يقومون فقط بالاعمال الارهابية الاجرامية والقتل والذبح، والى ما هنالك من اعمال بربرية لم يشهدها التاريخ.
ورأت هذه المصادر بأن السعودية عادت لتبحث عن دور لها في المنطقة، أي انها تعمل من اجل ملاقاة المجتمع الدولي، كي تصبح شريكة له في مواجهة الإرهاب، لتؤكد قدرتها على قيادة الدول الاسلامية، واشارت الى ان مشاكل لبنان التي لا تعّد ولا تحصى تكفيه، لذا لا يمكن زيادة الخلافات ونقل أي ملف يقوي الهوة في لبنان ، مع التأكيد على ان لبنان يتصدّى للارهاب على الحدود وفي الداخل، لذا لا ضرورة لوضعه ضمن هذه الخانة، لانه يقوم بواجبه قبل كل تلك الدول، على الرغم من انه لا يمتلك القدرات من ناحية التسليح.
ولفتت المصادر المذكورة الى ان لبنان لن يكون ضمن هذا التحالف، لان حزب الله معارض له بشدة، وهو منظمة إرهابية بحسب اللائحة التي تضعها السعودية، كما ان لا مؤشرات في الافق عن شرعية هذا التحالف، بسبب غياب الاجتماعات التنسيقية لممثلي الدول المشاركة، إضافة الى غياب الاطر القانونية والعسكرية التي تحدّد دور كل دولة على كل الاصعدة خصوصاً دور جيشها.
وختمت: «لقد قرأنا بياناً عن تشكيل تحالف اسلامي عسكري من 34 دولة لمحاربة الارهاب ،على أن تكون غرفة عمليات مشتركة للتحالف في الرياض، من دون أي إيضاحات، وهذا يؤكد وجود تبعات وتداعيات خطرة على لبنان في حال إنضم للتحالف المذكور، والافضل ان يلتزم الحياد كي لا يدخل ضمن تحالف يستثني دولاً شيعية، ويضّم دولاً بأكثريتها سنيّة ، لان التاريخ علمنا اننا ندفع الثمن دائماً بمفردنا، وبالتالي هنالك مخاوف من دخول البلد في حرب مذهبية».