IMLebanon

«جناح لبنان المغترب» ينتصر… «الجنسيّة» تخرج من حدود الوطن

12,369,400 مغترب انتصروا أمس. فلبنان المعروف بأنّه يَطير بجناحيه، المقيم والمغترب، يعيش بشكل كبير من خيرات المغتربين، وقد أنصَفهم أخيراً، بعد معركةِ شدّ حبالٍ وأخذٍ وردّ، وضغطٍ مسيحيّ بلغَ الذروة وتُرجِم بموقف واحد وحازم بأن لا تشريع من دون إقرار قانون استعادة الجنسية.

ليست ظروف المعيشة اللبنانية هي ما يبتغيه المغتربون من الجنسية، فهم بغالبيتهم يعيشون في بلاد تَحترم حقوق المواطن، لا يُمدّد نوّابها لأنفسهم، وتَعتبر رئيس الجمهورية ركناً لا جدال عليه، وغيرها من القضايا البديهية في القرن الـ 21، إلّا أنّ الجنسية اللبنانية التي لطالما أرادها المغتربون هي مجرّد عودة لجذورهم، وحقّ بالانتماء الى البلد الذي طالبَهم باستمرار بالمساعدات، من دون مبادلتهم بشيء، ولو معنويّ.

أمّا الأهم، فهو إثبات المسيحيين قوّتهم على الساحة الوطنية، وأنّ النظام اللبناني لا يمكنه الاستمرار في ظلّ امتعاضهم، والحدث الذي خرقَ المشهد الوطني، هو التفاف الكتل المسيحية بعضها على بعض، في ظروفٍ صعبة.

أمس، أعلنَ النائب ابراهيم كنعان بعد الاجتماع الثالث للجنة قانون استعادة الجنسية في مجلس النواب، «أنّنا وصلنا إلى اتفاق، ونوقِشت كلّ المسائل، وكان هناك تفَهّم لضرورات هذا القانون»، مؤكّداً الاتفاق «على أربع نقاط بما يتوافق مع ما نطالب به، وكان لمؤسسة الانتشار اللبناني دورٌ كبير في إقرارها».

وبدوره أثنى عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب سمير الجسر على التوافق الذي حصل، وأكّد أنّ «المجتمعين أخذوا بمعظم الملاحظات التي أثرناها والمستمَدّة من اقتراح القانون الذي كنّا قد حضّرناه. وبقيَت مسائل لم نتفاهم عليها»، وشدّد على «حقّ المرأة اللبنانية بإعطاء جنسيتها إلى أولادها، إذ لا يُعقل حرمان عشرات آلاف النساء اللبنانيات من هذا الحق بذريعة أنّ هناك حوالى 4000 امرأة متزوّجة من فلسطينيين. وبكلّ الأحوال، سنناقش الأمور الخلافية».

أمّا «المديرة العامّة للمؤسسة المارونية للانتشار» هيام بستاني فأكّدت لـ»الجمهورية»، «أنّ التصويت على القانون يشكّل إنجازاً للبنان ولكلّ المغتربين، لكنّ الأهم أنّ كلّ الكتَل توافقَت على قانون موحّد، ستُعاد صياغته لطرحه على المجلس، الذي أدرَجه على بنود الجلسة، والتوافق يُعتبَر انتصاراً، إذ إنّه صعبٌ في لبنان، خصوصاً مع وجود وجهات نظر بعيدة عن بعضها».

وعن نقاط الخلاف التي تَوافَق عليها الأفرقاء، شرَحت بستاني: «الخلاف الأساسي كان في أنّ استعادة الجنسية محصورة حتى الآن بالذين لهم أصول مسجّلة على سجلّات عام 1932، وكمؤسّسة رأَينا أنّ عدداً كبيراً من المغتربين لا قيدَ لهم على سجلّات الـ 32، وكثُر منهم مُدرَجون على سجلّات «المغتربين»، إذاً معركتنا كانت إقناع الأطراف في الوطن بالتوصّل الى اعتماد سجلّات مختلفة غير سجلّ الـ 32 أي سجّلي 21 و24 للمقيمين والمهاجرين وسجلّ 32 للمهاجرين، وهذه المسألة هي أبرز ما كان عالقاً، وتوافقَت الكتل عليه».

وأكّدت بستاني أنّ «النائب سمير الجسر سحَب اقتراحَه القاضي بإعطاء المرأة المتزوجة من أجنبي الجنسيةَ لأولادها»، موضِحةً أنّ «هذا القرار جاء بعدما لمسَ الجسر اعتراضات بقيّة الأطراف والحملات المعارضة في الإعلام، خصوصاً أنّ كتلة «المستقبل» غير موافقة عليه أيضاً، لكنّنا اتّفقنا على معاودة طرح هذه القضية في قانونٍ منفرد، تُدرَس فيه كلّ الحيثيات والمحاذير الديموغرافية والسياسية، لأنّ القانون المطروح هو استعادة الجنسية وليس اكتسابها، وهما أمران مختلفان كلّياً». ونوَّهت بستاني بـ«جدّية الأطراف وأخلاقياتهم في التعاطي مع هذا القانون».

قد يقول البعض لماذا يهتمّ المغترب بالجنسية، فيما يعيش حياةً كريمة في الخارج؟ وهنا لا بدّ من العودة إلى تاريخ هذه القضية، فهي لم تكن هجرةً في كلّ الأوقات، بل كانت «تهجيراً» فرضَته الظروف الأمنية والسياسية والمعيشية على البعض، وقد يكون لبنان البلدَ الأوّل في العالم من حيث كثافة الهجرة مقارنةً بعَدد سكّانه، كما تشير الدراسات. ولا يدرك مرارة الغربة من لم يعايشها وما زال متعطشاً لها.