الحوار الذي دعا اليه الرئيس نبيه برّي في اللحظة الدقيقة والحساسة من حياة لبنان هل يكون ككل الحوارات، جدل بلا قرارات، أو قرارات بلا تنفيذ ولمجرد كسب الوقت الى ان يصبح الخارج، وتحديداً ايران، جاهزاً ليقول كلمته في الانتخابات الرئاسية؟
إن من يحاول في حوار 9 أيلول أن يدير أذنه الطرشاء كي لا يسمع استغاثة لبنان، سوف يدير له الشعب ظهره، “ففيليب هذه المرة هو فعلاً على الأبواب” ولا وقت للبحث في جنس الملائكة.
إن الدعوة الى انتخاب رئيس للجمهورية باتت تحظى بشبه اجماع داخلي وخارجي ولا ينبغي أن يتقدم هذا الانتخاب أي أمر آخر. وما الكلام على اجراء انتخابات نيابية قبل الرئاسية سوى مضيعة للوقت وجعل الكلمة في موضوع الرئاسة للخارج وتحديداً إيران، وفي انتظار أن تقول كلمتها يبقى لبنان عند حافة الهاوية.
إن عدم انعقاد القمة الروحية المسيحية – الاسلامية من دون إعلان الأسباب قد يكون مؤشراً سلبياً ينعكس على حوار 9 أيلول، إلا إذا كان مطلوباً من المرجعيات الدينية وتحديداً الشيعية أن تترك للمرجعيات السياسية أمر اتخاذ القرار في موضوع الاستحقاق الرئاسي.
إن اللبنانيين على اختلاف اتجاهاتهم ومشاربهم ومذاهبهم ينتظرون بفارغ الصبر نتائج ايجابية لحوار 9 أيلول كي يتنفسوا الصعداء قبل أن تخنقهم روائح النفايات والفساد.
لقد اختار الرئيس برّي مناسبة مرور 37 عاماً على قضية اخفاء الإمام موسى الصدر ليدعو الى حوار ينهي غياب أو تغييب رئاسة الجمهورية، ومعرفة من المسؤول عن اخفاء الإمام، وكذلك عن بقاء لبنان بلا رئيس كي يحاسبه الناس والتاريخ… فهل يظل “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” يتحملان وحدهما مسؤولية استمرار الشغور الرئاسي بحجج واهية وأعذار أقبح من ذنب؟ وحرص الرئيس بري أيضاً على ألا يحصر جدول أعمال الحوار بموضوع واحد هو البحث في رئاسة الجمهورية، بل أضاف اليه مواضيع تتعلق بعمل مجلس النواب وعمل مجلس الوزراء وماهية قانون الانتخاب وماهية قانون استعادة الجنسية ومشروع اللامركزية الادارية وموضوع دعم الجيش اللبناني، لكي يجعل من البحث في هذه المواضيع المهمة ممراً واسعاً نحو الانتخابات الرئاسية.
أما ترتيب أولويات المواضيع في جدول أعمال الحوار فينبغي ألا يثير خلافاً بين من يريد اعطاء الأولوية للانتخابات الرئاسية ومن يريد اعطاءها للانتخابات النيابية، ربما الى حين تصبح ايران جاهزة لتقول كلمتها فيها بعد أن تكون قد عرفت دورها في المنطقة وحجم نفوذها فيها. وما المطالبة بانتخابات نيابية قبل الرئاسية إلا تحقيقاً لهذه الغاية. ولكي لا يمرّ هذا الوقت سدى، فإن من يريدون تقديم الانتخابات النيابية على الرئاسية قد يكونون مستعدين في المقابل لتفعيل عمل مجلس الوزراء وعمل مجلس النواب للحدّ من الأضرار التي تلحق بالوطن والمواطن من جراء استمرار الشغور الرئاسي.
هل يمكن التوصل الى اتفاق على قاسم مشترك بين من يريد الأولوية للانتخابات الرئاسية ومن يريدها للانتخابات النيابية، كأن يتم اقرار قانون جديد للانتخابات فور انتخاب الرئيس وجعل جدول أعمال الحوار كلاً لا يتجزأ، ولكي يصير في الامكان اجراء انتخابات نيابية خلال ربيع العام المقبل، لتنطلق عندئذ مسيرة النهوض بلبنان في شتى المجالات، وان تبقى جلسات الحوار مفتوحة الى أن يتمّ الاتفاق على ما يجب اقراره في جدولها؟
لقد أطلق الرئس بري بدعوته الى الحوار نداء اغاثة للبنان عندما سمعه يستغيث، ليتحمل كل القادة مسؤولية نجدته وانقاذه أمام الله والوطن والتاريخ، وإلا نبذهم الوطن وخرجوا من التاريخ.