IMLebanon

لبننة الاستحقاق

المبادرة التي أطلقها الرئيس سعد الحريري بعد انسداد كل الآفاق أمام تشكيل حكومة المصلحة الوطنية وبعد قرابة سنة من المحاولات العبثية بين الأطراف المعنيين، أدّت إلى إطلاق الحل الذي أصبح حقيقة على أرض الواقع، وقبلت كل الفئات، باستثناء حزب القوات اللبنانية، الذي ظل على موقفه برفض مشاركة حزب الله في الحكومة بسبب تفرده في الدخول في الحرب الدائرة في سوريا الى جانب النظام الذي يقتل شعبه يومياً بواسطة البراميل والأسلحة الكيماوية غير عابئ بالتنديدات والإدانة الدولية لهذا الإجرام، هذه المبادرة التي لا يزال الرئيس الحريري متمسكاً بها، هل هي نفسها تفتح الباب أمام انتخاب رئيس الجمهورية بعدما انسدت كل الآفاق أمام انتخابه، حتى بات يخشى من ان تبقى الدولة من دون رأس ويحل مكانه مجلس رئاسي من خلال حكومة المصلحة الوطنية التي تواجه هذه الأيام أزمة عميقة تكمن في اختلاف رئيسها مع اعضائها على آلية عملها حيث يعتبر فريق من الوزراء أن الحكومة هي في الاساس حكومة انتقالية لمنع الفراغ في رئاسة الجمهورية ويقتصر دورها بالتالي على تسيير عجلة الدولة من خلال تصريف الاعمال إلى ان يتم انتخاب الرئيس ولا يحق لها بموجب الدستور أن تتصدى للمسائل الأساسية وذات البعد الميثاقي الا في حالات الضرورة القصوى وبعد حصول الإجماع.

لا شك أن عودة الحريري حركت مياه الانتخابات الرئاسية الراكدة، واستعادت الساحة الداخلية حركتها الجامدة وانطلقت الحوارات بين كل الأطراف وتحول بيت الوسط إلى أشبه ما يكون بخلية نحل أو مقراً يستقطب كل القيادات من 14 آذار إلى 8 آذار ومن رئيس التيار الوطني الحر النائب ميشال عون إلى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مروراً برئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب أمين الجميل، وهم مجتمعين يشكلون عصب الحياة السياسية في هذا البلد وتفاهمهم على أي حل للأزمات القائمة، يعني ان الحل أصبح أمراً واقعاً وساري المفعول تماماً كما حدث منذ سنة مضت وانتهت بتشكيل حكومة المصلحة الوطنية التي ما زالت تمارس مهامها رغم التناقضات الكبيرة داخلها، ولا سيما ان هذا الحراك سبقته مبادرة للرئيس الحريري نحو حزب الله ونجاح هذه المبادرة بإعادة الحوار بين الفصيلين الأكثر تأثيراً على الساحة الداخلية وهذا الحوار قطع حتى الان شوطاً متقدماً في إعادة عامل الثقة المفقود منذ نشوب الأزمة بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، عبّر عن نفسه في وقف الحملات الاعلامية المتبادلة وفي إزالة الصور وكل مظاهر الاستفزاز والتحدي من الشوارع في المدن الرئيسية والبحث جار للاتفاق على تعبيد الطريق المسدود حالياً الى بعبدا، وكل المؤشرات تدل هذه الايام على عدم وجود عقبات كثيرة تحول دون اتفاق الفريقين على آلية انتخاب رئيس للجمهورية وازالة هذه الحلقة المفقودة من طريق الاتفاق الشامل على هذا الاستحقاق يكون الاتفاق المسيحي – المسيحي الذي دخل حواره مراحله النهائية حجر الرحى في هذا الاتفاق.

الأكثرية تنظر إلى الوضع العام بعد عودة الحريري نظرة ملؤها التفاؤل وتلك أصبحت حقيقة وليست وهماً، وعلى الذين يدعون إلى لبننة هذا الاستحقاق أن يستبشروا بأن دعواتهم ستصبح حقيقة.