IMLebanon

بين الصخيرات وماغلينغن ونيويورك.. «اللبننة» هي الحل

الساعات المعدودات التي أطل فيها «الرئيس المواطن» سليمان فرنجية على اللبنانيين كانت كفيلة بتجفيف منابع الإرهاب السياسي والترهيب الرئاسي التي لم تنفك تسيل حبراً على ورق «الممانعة» تخويناً وتشكيكاً بخيار انتخابه وبالتسوية التي رفعت حظوظ اختراق حصون الشغور المطبق على القصر الجمهوري.

فكمّ الشائعات التي ضُخت في عروق ترشيحه منذ إشاعة أجواء التقارب والانفتاح التي رافقت لقاء باريس، بدا، على كثرته، ليس أكثر من مجرد كمّ بلا نوعية يحاكي سراباً متخيّلاً من المعلومات المختلقة والتعهدات المفبركة على ذمة التسوية الرئاسية. وبشطبة قلم نسف فرنجية أوهاماً وأحلاماً وأقلاماً نزف حبرها الأسود على طول وعرض الصفحات والشاشات الممانعة لانتخابه ممن يصح بها القول المأثور: إخذر عدوّك مرّة.. واحذر صديقك ألف مرّة فهو أعلم بالمضرّة.

تعددت الأسباب وراء النيران الحليفة التي تعرض لها ترشيح فرنجية والهدف واحد: موت التسوية الرئاسية وإطالة عمر الفراغ. هم يدرون ماذا يفعلون ولا يستحقون «المغفرة» الوطنية، يخشون التسوية ولا يريدونها إلا على قاعدة الغالب والمغلوب التي بدا جلياً من «كلام الناس» أنّ فرنجية لا يؤمن بها ولا يؤمّن لراغبيها فرصة الانقضاض على الفريق الآخر رئاسياً وسياسياً من على ضفاف «بنشعي».

لأنهم ينبذون «النأي بالنفس» في الحروب كما في التسويات، يرفضون اليوم فرصة فصل الحل اللبناني عن حلول المنطقة كما رفضوا سابقاً فصل ساحات الاشتباك بين سوريا ولبنان. الكل يبحث عن تسوية على حجم مصيبته من سوريا إلى ليبيا فاليمن، إلا البعض في لبنان تراه يجهد لتكبير المصيبة الوطنية ويجتهد لربطها بمصائب المنطقة قاطبةً إعلاءً لمصالح إقليمية لا ناقة للبنانيين فيها ولا جمل. 

في الصخيرات المغربية، وقّعت الفصائل الليبية المتحاربة اتفاقاً برعاية أممية، ينص على تشكيل مجلس رئاسي يقود حكومة وحدة وطنية لمرحلة انتقالية تمتد ولايتها لعامين وتنتهي بانتخابات تشريعية، على أن يعمل المجلس الرئاسي خلال مدة ثلاثين يوماً على وضع آلية عمل الحكومة.

في ماغلينغن السويسرية، مباحثات سلام جارية برعاية أممية لإنهاء الحرب اليمنية، وإن تعثرت خلال الساعات الأخيرة بفعل استمرار النيران الحوثية في خرق الهدنة المعلنة مع القوات الشرعية الثلاثاء الفائت.

في نيويورك الأممية، أمّ التسويات تجري بين الدول الكبرى والإقليمية لتشريع الحل السوري وفق خارطة طريق فيينا. وما بعد 18 كانون الأول 2015 لن يكون كما قبله حسبما يؤشر الاتفاق على نص المشروع الأميركي الروسي في مجلس الأمن الدولي أمس بعدما عبّدت المملكة العربية السعودية الطريق أمام توحيد الصفوف المعارضة في مؤتمر الرياض بشكل يمهّد لبدء مباحثات التسوية السياسية السورية المرتقبة مطلع كانون الثاني 2016، توصلاً إلى تشكيل حكومة انتقالية تدير دفة البلاد نحو انتخابات رئاسية وتشريعية مأمولة لإنهاء الأزمة.

أما في لبنان، ففرصة «اللبننة» لا تزال متاحة ومفتوحة على مصراعيها من خلال تسوية وطنية رئاسية لا مقابل ولا مقايضة فيها، لا في سدة الرئاسة الثالثة ولا في قانون الانتخابات العتيد كما أكد فرنجية نفسه دحضاً لكل الشائعات والادعاءات المغايرة. 

ما يطرحه الرئيس سعد الحريري اليوم تسوية وطنية على قدر حجم المصيبة التي حلت على «رأس» البلد ومؤسساته، تسوية تُعطي كلّ ذي حق حقه بين 8 و14 آذار بمنأى عن تشابك مسارات التسويات الإقليمية والدولية التي ستمتد لأشهر وسنين قبل بلورة أطرها التنفيذية النهائية. 

المبادرة قائمة «أكثر من أي وقت مضى» كما قال فرنجية، ولا بد في نهاية المطاف من التقاط الفرصة الرئاسية السانحة وتجاوز العقد الشخصانية والتعقيدات السياسية والطائفية.. وإلا فالبديل خارجي مفروض قد يضع الحريصين على موقع الرئاسة الأولى وعلى تعزيز صلاحيات الرئيس أمام «مجلس رئاسي» للجمهورية.. وربما في الصخيرات أو ماغلينغن أو نيويورك.