IMLebanon

لبننة الاستحقاق!؟

في حين تتحضّر القوى السياسية لجلسة الحوار الثانية التي ستعقد يوم غد الأربعاء لمتابعة النقاش في بند إنتخاب رئيس الجمهورية يشهد لبنان حراكاً دولياً بدأه رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون تحت عنوان أزمة النازحين السوريين وتفقّد أوضاعهم، وسيكمله في وقت لاحق لا يتعدى الشهر المقبل رئيس فرنسا فرانسوا هولاند تحت العنوان نفسه، ولكن التصريحات التي أدلى بها رئيس وزراء بريطانيا بعد لقائه رئيس الوزراء اللبناني تدل على أن الهدف الأساس من زيارته حثّ المسؤولين والقيادات اللبنانية على وجوب الإسراع في انتخاب رئيس الجمهورية يقود البلاد ويمثلها دولياً ويكون شريكاً لبلاده وللذين يريدون أن يساعدوا لبنان ويعمل على حدّ قوله مع القادة السياسيين اللبنانيين لدفع التوافق السياسي قدماً وتخطي الظروف الصعبة التي تواجه بلدكم.

وبكلام آخر، أراد رئيس الوزراء البريطاني إفهام المسؤولين والقيادات السياسية مدى الأخطار التي تحدق ببلدهم بسبب استمرار الشغور في رأس الدولة، وأن البداية في درء هذه الأخطار تبدأ أولاً وقبل أي أمر آخر بانتخاب الرئيس الذي وحده يُعيد انتظام المؤسسات الدستورية والحفاظ على النظام، وإذا لم يتحقق هذا الأمر اليوم قبل الغد، فإن النظام برمته معرّض للسقوط بحيث يتحوّل هذا البلد إلى ساحة فوضى عارمة ومدمّرة للجميع، ويخشى معه إنتهاء لبنان الذي يعرفه العالم بتعدديته وتنوعه ضمن المركزية إلى عدّة دول أو دويلات طائفية ومذهبية متناحرة في ما بينها، وهذه الرسالة والتي حملها رئيس وزراء بريطانيا إلى المسؤولين والقيادات اللبنانية هي نفسها الرسالة التي سيحملها الرئيس الفرنسي هولاند في زيارته القريبة المرتقبة وإن كانت هذه الزيارة ستتم تحت عنوان أزمة اللاجئين السوريين وكيفية مساعدة لبنان لتخطي هذه الأزمة، خصوصاً وأن الرئيس الفرنسي لم يبخل بمثل هذه الرسائل إلى القيادات اللبنانيين والتي حملها موفدوه الكثر خلال الفترة القصيرة السابقة، كما أنه لم يبخل في السعي لدى الدول الاقليمية المؤثرة وخصوصاً إيران لإقناعها بوجوب الإفراج عن لبنان وترك اللبنانيين يحلّون مشاكلهم بأنفسهم بعيداً عن أي تدخل خارجي من الشرق أو من الغرب لكنه لم يحصل منها على أجوبة مريحة مما يدل على أن إيران التي تمسك بالملف اللبناني من خلال سلاح حزب الله ما زالت تستخدمه ورقة للمفاوضات مع الولايات المتحدة الأميركية التي ستجري بعد الاتفاق النووي كما تمسك بالورقتين العراقية والسورية وتسعى للإمساك بأوراق أخرى كما فعلت في اليمن ولم تنجح بل فشلت فشلاً ذريعاً بعدما نجحت أو كادت أن تنجح المملكة العربية السعودية في التصدّي العسكري لهذه المحاولة الإيرانية للإمساك بكل أو معظم أوراق المنطقة العربية.

والسؤال الذي يطرح نفسه عشية انعقاد الجلسة الحوارية الثانية هل وصل الوعي عند القيادات السياسية اللبنانية إلى مرحلة إدراك الخطر المحدق ببلدهم جرّاء السياسات الكيدية والمصالح الشخصية والارتهان إلى الخارج أم أنهم سيمضون في هذه السياسات ويسدّون آذانهم عن النصائح البريطانية والفرنسية وغيرهما من الدول الأوروبية التي أثبتت حرصها على لبنان وعلى الحفاظ على شخصيته المميزة في هذا الشرق العربي. وتبقى الإجابة على هذا السؤال مرهونة بما ستسفر عنه هذه الجلسة في شأن التوافق على إخراج بلدهم من دائرة الارتهان بالتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية ويخرج لبنان من دائرة الخطر التي أصبحت على الأبواب؟