IMLebanon

المقايضة على رأس لبنان

 

 

في وقت تتفاقم فيه أزمة لبنان الدّيبلوماسيّة الحادّة تناقلت الأنباء خبر تعزيز “خارب البلد” وزير الاعلام جورج قرداحي إجراءات الأمن في محيط منزله خوفاً من أن “يعمد أيّ طرف على إستغلال الوضع الراهن للقيام بعمل أمني” يا رجل “مين قاريك من الأساس؟” فيما كان وزير الخارجية (عبدالله بو حبيب) يفخّم ويُضخّم حجم لبنان الصغير متجاهلاً حقيقة أنّ لبنان فعلياً من دون العرب يموت موتاً حقيقيّاً لا يُصدّق أنّ السفير السّابق الذي دقّ النّفير وشكّل خليّة أزمة لمعالجة الكارثة الدّيبلوماسيّة التي حلّت بلبنان صرّح بالأمس “أنّ المشاكل بين الدول الصديقة والشقيقة لا يمكن حلّها إلا بالحوار والتّواصل والثّقة ولكن ليس بإرادة الفرض وهذا يسري على لبنان والسعودية”! حسبنا الله ونعم الوكيل في هكذا وزراء!

 

في وقت تدير فيه دولة عربية بحجم المملكة العربية السعوديّة ظهرها للبنان واللبنانيّين، من المفارقات أنّ نسمع إيران تتحدّث عن تبادل السّفارات فيما لبنان يتحسّر أنّ إيران فقط فكّرت منذ ثمانينات القرن الماضية بموقعه وأهميّتة لتمدّدها في كلّ المنطقة فيما لم يجد فيه العرب أكثر من دولة “ترفيهيّة” ليس إلا، من المؤسف أنّ سفير إيران في لبنان فخر روحاني قال عنه عام 1984 أن “موقع لبنان هو قلب المنطقة وأحد أهم المراكز العالمية”، وقد كان الإيراني على حقّ في قوله هذا ها هي إيران تضع يدها على المنطقة!!

 

العرب عموماً يكرهون كلمة “عجز” إلا أنّ هذا واقعهم، وعلى امتداد رقعة بلادهم يُدرك العرب أنّهم يواجهون مأزقاً كبيراً منذ قرنٍ ويزيد، منذ تقسيم بلادهم مطلع القرن التّاسع عشر ومنذ باعوا فلسطين وتآمروا عليها، ومنذ حرب اليمن العام 1967 ومنذ اتفاق القاهرة 1970 ومنذ الاحتلال السوري للبنان والاجتياح الإسرائيلي له، ومنذ مجيء الخميني إلى السلطة في إيران، ومنذ اجتياح صدام حسين للكويت، ومنذ أحداث الحادي عشر من أيلول 2001، ومنذ احتلال أفغانستان مرتين مرّة من السوڤياتي ومرّة من الأميركي، ومنذ احتلال العراق عام 2003، ومنذ انفجار المشروع الإيراني للمنطقة العربيّة، ومنذ نشوب الثورات في الدول العربية من اليمن إلى تونس إلى مصر إلى ليبيا إلى سوريا، بل منذ متى لم يكن العرب يواجهون مأزقاً كبيراً وفي كلّ شيء وأمام أيّ استحقاق؟!

 

مغامرة إيران في المنطقة لا أحد يعرف كيف ستنتهي، صحيح أنّ الثّمن سيكون غالياً جدّاً على دول كثيرة، ولكنّ الثّمن الأكبر سيدفعه لبنان بكلّ تأكيد لأنّ العرب لم يفكّروا فيه يوماً مثلما فكّرت إيران، لطالما اعتبر العرب أنّ لبنان حظيرة سياحيّة ليس أكثر، ولطالما منّوا على لبنان بأنّهم يساعدونه وإذا غضبوا عليه قطعوا مساعداتهم ومنعوا قدوم رعاياهم إليه!

 

من الصّعب اليوم التصّديق أنّ السعوديّة تعيد تجربتها في التّحاور مع إيران بالرّغم من فشل كلّ حواراتها السّابقة معها، وبالرّغم أيضاً من معرفتها أنّها دولة كذب وتقيّة، وحتى لو قايضت السعودية هدوء جبهة اليمن برأس لبنان وتسليمه لحزب الله، ستكون السعوديّة مخطئة جداً لأنّ المخطط الإيراني يصل إلى الحرمين الشريفيْن مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة، ما يؤجّل مخطّط إيران وتوقيته لا أكثر، والسعوديّة تعرف أنّ هذا من عقيدة إيران والشّيعة وهذا الكلام مدوّن في أمّهات كتب الفقه عند الشيعة!!

 

مجدّداً نقول لا يفاجئنا موقف الدّول التي ساهمت في صناعة هذه الأزمة الكبرى للبنان، للأسف أنّ الثّمن الأكبر سيدفعه لبنان لأنّ العرب لم يفكّروا فيه يوماً مثلما فكّرت إيران، لطالما اعتبر العرب أنّ لبنان حظيرة سياحيّة ليس أكثر، ولطالما منّوا على لبنان بأنّهم يساعدونه وإذا غضبوا عليه قطعوا مساعداتهم ومنعوا قدوم رعاياهم إليه، وهذا الكلام والأزمات عايشها لبنان منذ عام 1967 وحتى اليوم!