IMLebanon

من معلم نجارة باطون إلى جامع بلاستيك بحثاً عن عيش كريم

 

فرضت الأزمة على كثير من أرباب العائلات البحث عن عمل بديل لمواجهة تداعياتها السلبية، بعدما وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها عاطلين عن العمل، يصارعون للبقاء على قيد الحياة في ظل الغلاء وارتفاع الاسعار، ومن بين هذه المهن ما هو حرّ وموسمي يعتمد على قوت «كل يوم بيومه.. والرزق على الله».

 

علاء قدور «أبو فرح» واحد من الذين باتوا عاطلين عن العمل، بعدما كان يمتهن نجارة الباطون مياوماً، مع بدء الازمة توقفت مشاريع البناء والاعمار ووجد علاء نفسه بلا عمل، لكنه لم يستسلم وبدأ رحلة البحث عن عمل بديل، الى ان قادته الى جمع الخردة ومنها البلاستيك على وجه التحديد.

 

يغادر علاء منزله صباح كل يوم باحثاً عن رزقه في الاحياء الشعبية في صيدا وبين حاويات النفايات وعلى جنبات الطرقات، جامعاً البلاستيك بكل انواعه، ويقول لـ «نداء الوطن» انه زاد ساعات العمل لتصبح نحو ثماني ساعات، اربع منها في الصباح ومثلها في المساء، كي يستطيع جمع أكبر عدد ممكن من قطع البلاستيك، ليبيعها في نهاية اليوم بالكيلو الى تجار الخردة.

 

يبيع علاء كيلو البلاستيك بين 2000- 2500 ليرة لبنانية، وحصيلته اليومية لا تتجاوز المئة الف، بعدما تراجع استخدام الناس مختلف انواع البلاستيك. ولولا رمي عبوات المياه بأحجامها المختلفة وخاصة الكبيرة منها، لما أمكن جمع الا القليل، يقول علاء وهو يقود دراجته ذات العجلات الثلاث التي حولها الى ما يشبه حافلة لنقل غلة رزقه وسط البرد والمطر واحوال الطقس المتقلبة.

 

ويضيف: «كل شيء غال، وعائلتي كبيرة ومؤلفة من الزوجة والوالدة و6 بنات، مصروفهم كبير ومسؤولياتي اكبر ومنزلي بالايجار وقد رفع صاحبه منذ بداية العام رسومه، ناهيك عن الاشتراك والكهرباء والمياه والغاز وسواها من متطلبات الحياة، نعيش اياماً سوداء، وندعو الله ان تنتهي قريبا».

 

ومنذ العام 2019 ويعيش لبنان اسوأ ازمة اقتصادية ومعيشية، حولت الآلاف عاطلين عن العمل ومن تبقى منهم باتت رواتبهم بلا قيمة جراء ارتفاع سعر صرف الدولار الاميركي في السوق السوداء. ويقول حسام رمضان ابو حسين لـ»نداء الوطن»، وهو يقطن في تعمير عين الحلوة: «لقد خسرت وظيفتي في كاراج للميكانيك، تراجع العمل الى 20%، فصرف المعلم ثلاثة عمال كنت واحداً منهم، لقد استنكف الناس عن تصليح سياراتهم او شراء قطع بديلة عنها واعتمدوا قاعدة «مشي الحال»، وجدت نفسي بين جدار المنزل ووسط الفقر والحاجة، قبل ان استيقظ من كبوتي واستعيد قوتي واعمل على عربة جوالة لبيع الخضار، افضل من الجلوس بلا مدخول».

 

ولم تكتف الازمة بذلك، بل أجبرت كثيرين من جيل الشباب وخريجي الجامعات والاطباء والممرضين على السفر أو الهجرة، اما بحثاً عن عمل خاص بين تركيا والامارات العربية المتحدة وقطر وفي بعض دول الخليج العربي، او طلبا للجوء الانساني في الدول الغربية بدءاً من المانيا وصولاً الى كندا، وفي كليهما سعياً وراء حياة كريمة بعيداً من ذل السؤال في بلد لم يرحم مسؤولوه شعبهم الذي وثق بهم.