Site icon IMLebanon

مستقبل لبنان والمستقبل السوري؟

المرحلة الانتقالية التي تحدّثَ عنها رئيس مجلس النواب نبيه برّي وقال إنّ المنطقة تمرّ بها، هي النِتاج الطبيعي والبديهي للاتّفاق النووي بين الدوَل الغربية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، إذ خلالها سيتبلوَر مستقبل دوَل المنطقة ومصالحها والعلاقات في ما بينها، ومنها لبنان.

يقول سياسيّ متابع للأحداث السياسية الجارية إنّ لبنان كان ولا يزال يعيش مرحلة من «الستاتيكو» والمراوحة ومن الهريان والفراغ في مؤسساته الدستورية، الى درجة انّه بات أشبَه بمريض تُبذَل الجهود والمحاولات للحفاظ عليه في غرفة العناية الفائقة، على رغم إدراك الجميع أنّه مستمر في النزف وتكبُّد الخسائر، ولكنّهم يأملون في أن تبقى الأثمان مقبولة.

ويرى هذا السياسي أنّ الفراغ المقنّع الذي بدأ يكشف عن نفسه ارتباطاً بخواء أيّ معطى داخليّ حقيقي يساهم في إنتاج دينامية لإنتاج حلول للأزمات التي تستنزف البلاد، هذا الفراغ يرتكز بنحو رئيسي على مرحلة تثبيت الاتفاق النووي في الولايات المتحدة الاميركية أوّلاً،

وفي الجمهورية الاسلامية الايرانية ثانياً، لأنّ طهران ستثبت الاتفاق بناءً على التثبيت الاميركي أوّلاً، ومعركة التثبيت هذه يمكن أن تستغرق ثلاثة اشهر، وقد تستهلك الفترة الممتدة من الآن وحتى نهاية السنة الجارية، وحتى ذلك الوقت فإنّ الملفات الاقليمية ستستمر في حالة اشتباك، خصوصاً في ظلّ اعتراض المملكة العربية السعودية على الأقل حتى الآن على توازنات المرحلة الجديدة التي أفرزَها الاتفاق النووي على مستوى المنطقة.

ولذلك يرى هذا السياسي أنّ على اللبنانيين بمختلف قواهم السياسية وطوائفهم ومذاهبهم ان ينتظروا مرحلة البَدء بوضع الملفات الاقليمية على طاولة البحث في ظلّ إصرار ايرانيّ على الأقلّ حتى الآن على عدم فتح أيّ مِن هذه الملفات مع الإدارة الاميركية، مع العِلم أنّه في حال حصَل هذا الامر لاحقاً فليس من المؤكّد انّ ملفّ الأزمة اللبنانية سيكون الاوّل على بساط البحث من بين الملفّات الاقليمية، خصوصاً في ضوء ما تروّج له القيادة الروسية عن ثنائية يمنية ـ سورية هي التي قد تكون فاتحة البحث في كلّ هذه الملفات.

وفي هذا السياق، يقول السياسي نفسُه إنّ موقع لبنان ومصير أزمتِه قد يتحدّد في ضوء ما سيتقرّر في شأن الملف السوري الذي يربط لبنان به بإحكام، وبالتالي لا يمكن رسم المستقبل السياسي اللبناني في معزل عن المستقبل السياسي لسوريا.

ولذا فإنّ هذه المقاربة تجعل الوقتَ الحالي يمرّ على اللبنانيين ثقيلاً ومثقَلاً بنفايات تتراكم هنا وكهرباء تُثقِل هناك وحَرّ يضغَط على الكهرباء وعلى النفايات معاً ويزيد من أمدَ الوقت الثقيل المليء بالرتابة السياسية التي تجعَل اللبنانيين بقواهم السياسية المختلفة يتفنّنون في اصطناع أزمات لإمرار هذا الوقت الثقيل.

ويؤكّد هذا السياسي أنّ الحكومة ستستمر في تحمّلِ مسؤوليتها ولو بـ»رتبة تصريف الأعمال» التي تتبوّأها أحياناً تحت وطأة الخلافات بين المكوّنات السياسية المشاركة فيها، فرئيسُها تمام سلام لن يستقيل على رغم حديثه عن انّ باب الخيارات سيكون مفتوحاً امامه في حال استمرّ تعطيل جلسات مجلس الوزراء أو إفقادُها من مضامينها الحيوية، في وقتٍ لم يجارِ الحلفاء رئيسَ تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون في إقتراح فاتحَهم به ويَقضي بإقالة الحكومة أو دفعِها إلى الاستقالة اعتقاداً منه بأنّ مثل هذه الاستقالة ستدفَع الجميع الى التوافق سريعاً على انتخاب رئيس جمهورية جديد،

لأنّ الاستقالة الحكومية ستُدخِل البلاد في فراغ كامل بعد الشغور الرئاسي والتعطيل الذي أصابَ مجلس النواب على مستويَي التشريع والإنعقاد لانتخاب رئيس الجمهورية، وقد ارتأى الحلفاء عدمَ اللجوء إلى خيار إسقاط الحكومة، وإمرار المرحلة بأقلّ خسائر ممكنة، لأنّ البلاد لا تتحمّل الفراغ، فيما المطلوب ان تستمرّ الحكومة بلتبية شؤون اللبنانيين الحيوية والعادية ولو بالحدّ الأدنى إلى حين التوافق على حلّ للأزمة بدءاً بانتخاب رئيس الجمهورية.