سباق ماراتوني بين الطبخة الأوروبية بعناية الشيف الفرنسي والمسار الأميركي كثير التعرّج
لا يستبعد مطلعون أن يُبادر نتنياهو إلى شن حرب يراها السبيل الوحيد للالتفاف على نتيجة الانتخابات ونسف أي مسار يضعه خارج السلطة
يعيش لبنان هاجسيّ تصعيدين محتملين، ربطا بصراعات المنطقة. يكاد يكون لا حائل له ولا طائل في كلا التصعيدين، مسلّما في الوقت نفسه بالامر الواقع المفروض عليه، إما لغياب الحيلة عند حكومته، وإما للإنخراط المعلن لـ«حزب الله» في كل ما من شأنه أن يمس بإيران، في مقابل المعسكر السياسي المقابل المنخرط بهدوء وسكينة في الحلف المضاد لإيران.
مردّ هذين الهاجسين مؤشران سيكونان كارثيين في حال وقوعهما: مآل الصراع الأميركي – الإيراني، ومأزق بنيامين نتانياهو.
1-فلبنان مرشّح الى أن يكون أحد حلبات مباراة الملاكمة الأميركية – الإيرانية المستمرة بأشواطها المملة والتهويلية بالحرب سبيلاً الى الحوار، بدليل المسار كثير التعرّج الذي تسلكه راهناً الإدارة الأميركية، وتحديداً منذ إقالة جون بولتون. فتهديدات الرئيس دونالد ترامب أكثر من أن تحصى، في الوقت الذي تبادر إدارته في اللحظة الأخيرة الى منح الرئيس الإيراني محمد روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف تأشيرتي دخول للمشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة. بالتأكيد، لا يعني إنتفاء لقاء ترامب بروحاني على هامش تلك الاجتماعات، أو حتى الهجوم الذي تعرّضت له المنشآت النفطية السعودية، أن الطبخة الأوروبية بعناية الشيف الفرنسي لن تجد متذوقين في أروقة المنظمة الدولية، وسط شبه إجماع أوروبي على ضرورة التوصل الى حل للمسألة الإيرانية.
بالطبع، سيكون لأي قرار أميركي حاسم في الملف الإيراني إنعكاس مباشر على لبنان، سواء بالحوار أو بالحرب، مع الإدراك بأن قرار الحرب سيدفع لبنان ثمنه طائلاً. ولم يخفِ يوماً الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن الحزب سيكون في صلب أي حرب على ايران، وهو تماماً ما يجاهر به قياديو الحرس الثوري الذين يضعون في الوعاء الحربي نفسه الحزب والحشد الشعبي والفاطميين والحوثيين وكل التشكيلات الأخرى المرتبطة عضوياً وعسكرياً بطهران.
ولا يمكن مقاربة مجمل هذا المشهد من دون التطرق الى «قمة إيران 2019» التي ترعاها الإدارة الأميركية على أعلى المستويات. هي ستنعقد في توقيت لافت مواكبة لاجتماعات الجمعية العامة، الأربعاء في 25 أيلول في Lotte New York Palace – نيويورك. وستكون لوزير الخارجية مايك بومبيو مداخلة تأتي في ضوء زيارته الخليجية في سياق العمل على إنشاء تحالف دولي لأمن الخليج، مع إحتمال مشاركة المستشار الجديد للأمن القومي روبرت أوبراين (الأرجح عدم مشاركة بولتون بعدما كان إسمه وارداً في جدول اعمال القمة كمتحدث مميز Featured Speaker)، الى جانب كل من الجهة المنظمة «متحدون ضد إيران نووية» UANI ممثلة برئيس مجلس الإدارة السيناتور جوزف ليبرمان والرئيس التنفيذي السفير مارك والاس والسفير دينيس روس، وزير الدولة لشؤون الخليج العربي في وزارة الخارجية السعودية ثامر السبهان، وزير خارجية بولندا الأسبق النائب في البرلمان الاوروبي راديك سيكورسكي، السفير البحريني في الأمم المتحدة عبد الله بن راشد بن عبدالله آل خليفة، السفير الإسرائيلي في الامم المتحدة رون ديرمر، السفير الأميركي في ألمانيا ريشارد غرينيل، إضافة الى مجموعة من الباحثين. واللافت مشاركة وكيلة وزارة الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة الإرهاب سيغال ماندلكر، وهي توصف بأنها مهندسة الحرب المالية على إيران وحزب الله والفروع الأخرى. فيما لم تتأكد مشاركة وزير الدولة للشؤون الخارجية في دولة الامارات أنور القرقاش.
2-كما ان لبنان مرشّح الى أن يكون متنفّساً لمآزق بنيامين نتانياهو، الكثيرة هذه الأيام، من خسارته الانتخابية التي انعكست عدم قدرة على إمكان أن يشكل حكومة توسم بإسمه، الى ما ينتظره من محاكمة قضائية حاسمة في ملفات الفساد المتهم بها في حال فشله في ترؤس الحكومة الجديدة. وكان لافتاً ما ضجّ به المستوى السياسي في تل أبيب من وجود قلق حقيقي، وتحديداً لدى قيادة الجيش وأجهزة الأمن على مختلف صنوفها، بأن يسعى نتانياهو إلى تسخين الأوضاع الأمنية، وإعطاء أوامر الى الجيش بعملية عسكرية واسعة أو حرب، في الشمال (لبنان) أو الجنوب (غزة)، على خلفية ما ينتابه من هوس نتيجة تلمّسه قرب خروجه الدراماتيكي من الحكم، ما يحتّم محاكمته بتهم الفساد ودخوله السجن. وهو قد يبادر الى حرب يراها السبيل الوحيد الى الالتفاف على نتيجة الانتخابات، وتالياً نسف أي مسار حكومي يضعه خارج السلطة، ويجعله يلحق بسلفه إيهود أولمرت.