على الرغم من الحوارات الجارية في البلد والتي تبقى ضرورة وحاجة ملحة في هذه المرحلة، انما يبقى الانقسام العمودي بين الافرقاء السياسيين قائماً لا بل أن الأمور تتفاقم باتجاهات من شأنها رفع منسوب تلك الانقسامات وذلك ما تبدى نهاية الاسبوع المنصرم والذي اقفل على جملة مواقف وعناوين يستخلص منها الكثير من الدلالات والقراءات وتحديداً مدى تأثير المواقف الاقليمية وخصوصاً تلك التي اطلقها بعض المسؤولين الايرانيين بالساحة الداخلية وحيث تداعياتها ولدت حالة من الارباك والردود من هذا الطرف وذاك ما يعني أن لبنان وفق اوساط في تيار المستقبل ما زال يعيش حالة ذعر سياسي وأمني في آن وأن ما يجري في المنطقة يبقي لبنان منصة لتلقف الرسائل الاقليمية وايضاً ما صدر من بعض القيادات السياسية مؤخراً انما هو نتاج انعكاسات حروب المنطقة والمواقف التي تطلق يميناً وشمالاً ما يعني ان البلد ومن خلال اجواء باريسية باق على الوتيرة عينها خلافات سياسية وتوقع أي حدث أمني وكذلك استمرار الفراغ الرئاسي دون حصول اي خرق سياسي او ظهور معطيات اقليمية ودولية من شأنها البناء على حلحلة قد تنتج رئيساً للجمهورية.
الاوساط المذكورة تكشف أن احد القيادات السياسية والعائد من الخارج يقول انه وخلافاً لما تم نشره اعلامياً عن سيناريو توافقي بين طهران والرياض قد يؤدي الى فصل الملف اللبناني عن وضعية المنطقة وبالتالي انتخاب رئيس للجمهورية فهذا الموضوع مجرد سيناريو او تحليل لا يستند الى اي معطيات ومعلومات مؤكدة وان كان يُعمل من خلال المعنيين بالملف اللبناني على هذا الامر لكن المؤكد ووفق الاوساط ليس هناك من اي حراك جدي او حلحلة تلوح في الأفق، والاوضاع مكانها لا بل ما يحدث في العراق وسوريا يزيد في الطين بلة على الوضع اللبناني بكل استحقاقاته واوضاعه حيث يبقى الأكثر تأثراً بتلك التطورات والاحداث حوله وفي داخله عبر استمرار الخلافات والمناكفات ناهيك بالهواجس الامنية التي تبقي القلق قائماً وبالمحصّلة امام هذه الاوضاع المفصلية كل الاحتمالات واردة على غير صعيد سياسي وأمني.
وفي سياق متصل تقول الاوساط نفسها ان لبنان مقبل على اسابيع سياسية حامية باعتبار كلما ارتفعت وتيرة الحماوة الامنية زادت المخاوف من عودة مسلسل التفجيرات وربما الاغتيالات السياسية بعدما جرى تبليغ بعض القيادات والوزراء والنواب بضرورة اتخاذ التدابير اللازمة خصوصاً ان التقارير حول هذا المسلسل الاجرامي صادرة عن جهات ذات مصداقية كبيرة ولديها معطيات موثوق بها، وبمعنى آخر هذه المرحلة المقبلة على لبنان لن تكون شهر عسل، وانما ناجمة عن استعار معارك المنطقة وازدياد رقعة الخلافات الاقليمية على خلفية الحروب الدائرة في اليمن وسوريا والعراق، واشارت الاوساط الى أن البعض ممن يواكبون المسار السياسي الداخلي والاتصالات الاقليمية والدولية، يؤكدون ان ثمة سيناريو جاهزاً للبنان مركباً اقليمياً ودولياً وشبيه بالاجواء التي واكبت تشكيل الحكومة السلامية ومن ثم حل الخلافات الوزارية وبمعنى آخر ومهما كان حجم التعقيدات، فان الامور تحل بكبسة زر عند اللحظة المؤاتية من اطراف اقليمية وبغطاء دولي، ولكن هذه اللحظة ما زالت في اجازة طويلة ولم تحن ظروف ولادتها نظراً الى استمرار المعارك الميدانية المشتعلة في المنطقة وكذلك التوسع الايراني من اليمن الى العراق وسوريا وهذا ما زاد من حجم الخلافات بين طهران ودول الخليج ومن الطبيعي ان يربك ذلك الساحة اللبنانية ويبقي استحقاقاته السياسية والدستورية في ثلاجة الانتظار وفي هذه الحالة السيناريو المذكور غير صالح للتنفيذ، على اعتبار ان المعطيات لا تشير الى أي خروقات قد تحصل في هذه المرحلة امام استحقاقي الملف النووي الايراني والانتخابات الاسرائيلية وصولاً الى ما يقال عن تحضيرات واسعة النطاق لمعارك الربيع بعد ذوبان الثلوج ليبان المرج وعندئذ وفي ضوء نتائج هذه المعارك يُبنى على الشيء مقتضاه لبنانياً.