Site icon IMLebanon

لبنان ضرورة للمنطقة

ستظل الإنتخابات البلدية علامة فارقة في المراوحة السياسية إلى أن يأتي حدث أو تطوّر أكثر أهمية، ينزلها عن منصّة أولوية الإهتمام ليحتل مكانها.

وستظل المواقف والتحليلات والتعليقات والإجتهادات والتفسيرات تأخذ مداها حتى ذلك الإشعار الآخر.

واستطراداً سيظل اللبنانيون في حال الترقب والتلقي في غياب المبادرات الذاتية والإقليمية والدولية. أمّا المبادرات التي شغلتهم في الوقت الضائع فكشف وزير الداخلية نهاد المشنوق أنها ليست ذاتية، إنما هي دولية بامتياز. فليس بالأمر البسيط أن تكون وزارة الخارجية البريطانية هي التي تفتّقت مخيلتها عن ترشيح الوزير سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية، وهي التي لم تكتفِ بالفكرة بل عملت على تسويقها على أرفع مستوى عالمي من خلال إقناع الولايات المتحدة الأميركية بها… ثم إن واشنطن، بدورها، سوّقت الترشيح لدى المملكة العربية السعودية التي أقدمت على تكليف الرئيس سعد الحريري إعتبار فرنجية مرشحه الشخصي، ولا يزال يعتبره كذلك وأيضاً حتى إشعار آخر… وإن كانت المملكة قد فتحت الباب أمام العماد ميشال عون، بإزالة «الڤيتو» عنه. وهي الإشارة البليغة التي التقطها سليمان بك فلجأ الى حلّ الشيخ سعد من أي التزام تجاهه إذا وجد (أي الحريري) نفسه مضطراً لأن يمشي بترشيح الجنرال.

وفي عود على بدء، وبالرغم من الإختلاف في تقويم العملية الإنتخابية «المحلية» (البلدية) بين الأطراف كافة، فهناك نقطة التقاء يجمع عليها الأطراف جميعاً، وهي أن ثمة شيئاً ما قد تغيّر فعلاً.

منذ إنتهاء العملية الإنتخابية بادرنا الى القول، هنا تحديداً، وغير مرة، انّ العملية الإنتخابية قد «أنهكتهم» جميعاً. وشرحنا وجهة نظرنا في هذه النقطة بالذات تأكيداً على إقتناعنا بأن «الجميع خاسرون». فلا الثنائي الشيعي يمكنه الكلام عن الإنتصار ولو حقق فوزاً، ولا الثنائي الماروني يمكنه ذلك أيضاً، وبالطبع، ومن باب أولى، ليس في مقدور الرئيس سعد الحريري ووليد بك جنبلاط أن يتهربا من مواجهة الواقع الذي افرزته العملية الإنتخابية. أما فوز هذا أو ذاك من الذين يزعمون انهم «مستقلون»، كل منهم في ضيعته، وبفروقات محدودة، فهو ما لا يُعتد به ولا يمكن ذكره في غمرة المعارك الإنتخابية الحقيقية… خصوصاً وأن بعض هؤلاء لم يحقق أي فوز في هذه المنطقة أو تلك التي هو نائب عنها.

وفي تقدير العميد المتقاعد شامل روكز، الذي يشكل حالاً مستقلة ذات حيثية شعبية عابرة للطوائف، أنّ الإنتخابات البلدية كشفت عن حيوية في الرأي العام، وهي بالتالي إيجابية بالمعايير كلها… وهي تتلاقى مع الحرص الدولي على إستقرار لبنان الذي سيكون مركز إنطلاق لإعادة إعمار سوريا والمنطقة التي دمرتها الحروب… وإلاّ كيف يمكن تفسير الحرص الأميركي (والغربي عموماً) على تعزيز دور الجيش اللبناني بتصميم وجدّية؟… وقد تكون لنا عودة الى مواقف قائد فوج المغاوير سابقاً الذي خسره الجيش ليربحه المجتمع المدني.